ما هي رهانات الجبهة الشّعبيّة في ندوتها الثّانية؟
الرّهانات المطروحة على الجبهة الشعبية اليوم هي نفس الرهانات الأساسيّة المطروحة على تونس الوطن، وفي مقدّمتها مواجهة الإرهاب، هذا الأخطبوط السرطاني المضرّ بمصالح تونس الحيوية. وهذا الخطر الكبير مافتئ يفسد المناخ العام بالبلاد ونحن نستعدّ للانتخابات الرّئاسية والتّشريعية. هذا هو الرّهان الأول، أمّا الرّهان الثاني للجبهة الشعبية فيتمثّل في بناء داخلي للجبهة أكثر تماسكًا ولحمة استعدادًا للمراحل القادمة وذلك ببعث ما تبقّى من تنسيقيات جهوية ومحلية وقطاعية وفي الهجرة… أمّا الرّهان الثالث وهو الأهمّ لدينا، فيتمثّل في مواصلة الدّفاع عن الثورة التونسيّة وأهدافها والتصدّي، لقوى الالتفاف عليها وما أكثرها في الداخل والخارج، حتى تتحقق شعارات الثورة التي دفع فيها الشهداء دماءهم الزّكيّة، والجرحى، عذاباتهم وآلامهم، ونتمكّن من تركيز حكومة شعبيّة تمثل تونس الأعماق وتونس الأغلبية.
ما النّتائج التي توصّلت إليها؟
تمثّلت أهمّ نتائج النّدوة في:
1. تقييم موضوعي لعمل الجبهة الشعبية طيلة السنة الماضية، وهو ما سمح بتوضيح أكثر للرّؤية المستقبليّة للعمل الجبهوي.
2. لعلّ أهم قرار وقع التأكيد عليه هو انطلاق توزيع الاشتراكات في الجبهة على كلّ التنسيقيات في الداخل والخارج وهو تجسيم لحلم منذ سنة ونصف، بعد تأسيس الجبهة في 07 أكتوبر 2012 .
3. رغم تثمين ما تمّ في جبهة الإنقاذ من تحقيق جزئي لبرنامج الجبهة الشعبية وطموحاتها فإنّ النّدوة أكّدت أنّ دور جبهة الإنقاذ قد انتهى فعليّا منذ مدّة وأنّ على مناضلي الجبهة الشعبية أن يعوّلوا على أنفسهم في المراحل القادمة وخصوصا في الانتخابات.
4. تكثيف العمل الميداني في الأشهر القادمة، من اجتماعات عامّة في كافّة الجهات وعقد النّدوات واللّقاءات المختصّة مثلا حول المديونيّة والمقدرة الشرائيّة للمواطن الكادح وفضح الإخلالات الواضحة للعمل الحكومي… وتقديم البدائل النّاضجة والعمليّة والعلميّة بفضل عشرات الخبراء المنتمين للجبهة أو المتعاطفين معها ) مشروع الميزانية البديل، اقتراحات عمليّة للتنمية الجهوية…( إقناع المواطنين بصحّة توجّهات الجبهة الشعبية اجتماعيّا واقتصاديّا وثقافيّا.
5. تثمين موقف الجبهة الشعبية من الانسحاب من الحوار الاقتصادي حتى لا نكون شهداء زور في قرارات فوقيّة في تعارض مع المصالح الحيويّة للشّعب.
6. تقديم ورقة للنّقاش حول المهام النّضاليّة الملموسة محلّيا وجهويا ووطنيّا، سواء ضمن الحوار الوطني لاستكمال ما ورد في خارطة الطريق التي لم ينجز منها إلا القليل، أو لفرض مناخ عام سلمي يسمح بإجراء انتخابات نزيهة وشفافة، خارج إطار التهديدات الإرهابية والإملاءات الأجنبية أو الخيارات الأحادية لبعض الأحزاب، التي قال الشعب فيها كلمته الفصيحة والواضحة بعد تجربتها الفاشلة بامتياز في الحكم.
كيف ترون انعكاسات هذه النّدوة على أوضاع الجبهة ومستقبلها وما الدور الذي يمكن أن تلعبه في الحياة السياسية؟
إنّ هذه المحطّة الهامّة التي مثّلتها النّدوة الوطنيّة الثانية للجبهة الشعبية مكّنت كافّة المناضلين من التّأكيد على أهمّيّة بعث الجبهة كإطار للمّ الصّفوف التّقدّميّة وما حملته وما تزال من آمال كبيرة لشرائح متعدّدة من الشعب التونسي، وقد مثّل وجود الجبهة ولا يزال منعرجا في الحياة السياسية في بلادنا بشهادة قوى الداخل والخارج، ولعلّ درجة النّقد والانتقاد الموجّه للجبهة الشعبية لهو الدّليل الذي لا يخطئ على أهمّيّة وجودها، لأنّ وجودها قد فرض إعادة توزيع الأوراق في السّاحة السّياسيّة وفرض على الجميع إعادة حساباتهم وجعل قوى الخارج تسارع في الالتقاء مع قيادة الجبهة مرّات عديدة لاستقراء وجهات نظرها والإنصات إلى تحاليلها ولوجهات نظرها. وهناك ولا شكّ أطراف عدّة لا ترتاح لوجود الجبهة الشعبية لذلك تكثر من الإشاعات وأحيانا تلجأ إلى التّشويه وبثّ الشكوك حولها، فتلفّق لها التّهم في عجز واضح منها عن مقارعة الحجّة بالحجّة. لكلّ هذا نرى أنّ الجبهة الشعبية، اليوم، هي أقوى من أيّ وقت مضى، وستبقى الرقم الأصعب الذي يُقرأ له ألف حساب.
نحن، بتفاؤلنا النضالي، نعوّل على مناضلي الجبهة الشعبية وعلى تماسك صفوفها لخوض استحقاقات المستقبل القريب (الانتخابات) أو الأبعد، بفضح المناورات التي تُحاك ضدّ مصالح تونس الحيويّة.