إنّ النّدوة الوطنية للجبهة الشعبية المنعقدة بالحمامات يومي 31 ماي و 1 جوان 2014 إذ تسجّل بكلّ اعتزاز ما حقّقه شعبنا طيلة السنة المنقضية من مكاسب على رأسها الإطاحة بحكومة الترويكا وفرض دستور يستجيب للحدّ الأدنى الدّيمقراطي والاجتماعي الذي طالب به التونسيون في ثورتهم وإفش ال أكثر من محاولة لمزيد الاعتداء على قوتهم عبر فرض «إتاوات » جديدة عليهم أو رفع الدّعم عن المواد الأساسية دون مراعاة تدهور مقدرتهم الشّرائية وتشكّل رأي عام وطني مضاد للعنف والإرهاب، فإنّها تعتبر أنّ بلادنا ما زالت تعيش أوضاعا صعبة وتواجه مخاطر محدقة وتهديدات جدّيّة بالارتداد إلى الوراء وهو ما يجعلها في مواجهة جملة من التحدّيات المعقّدة:
– أزمة اقتصادية حادّة وشاملة تنبئ بالإفلاس وأزمة اجتماعيّة تعتمل فيها جميع أسباب الانفجار نتيجة عقود من الاختيارات الفاسدة التي تصرّ الحكومة الحاليّة، على غرار الحكومات السّابقة، على انتهاجها والمضيّ قدما في تطبيقها بتوصية من دوائر المال العالميّة وبما يتنافى ومطامح الشعب التونسي وما يتناقض مع شعارات ثورته وأهدافها.
– تواتر وتكثّف مظاهر التّدخّل الاستعماري الرّجعي في بلادنا وفي المنطقة العربيّة عموما
– تآمر القوى الرّجعيّة، المحليّة والعربيّة والعالميّة، على مسار الثورة وسعيها إلى القضاء عليه في أسرع وقت والعمل حثيثا على حشد قواها السياسيّة وتوحيدها من أجل بلوغ هذا الهدف.
– تفاقم آفة الإرهاب واستخدامها أداة إضافيّة لمزيد تعفين الأوضاع لتعميق الأزمة وتعقيد سبل تجاوزها.
– تهافت الحكومة الحالي ة على خدمة مخطّطات الدّوائر المالية العالميّة والأوساط الرّجعيّة ورهن البلاد لمشيئتها والتلكّؤ في تطبيق مبادرة الرّباعي الرّاعي للحوار الوطني لإنقاذ البلاد ووضعها على سكّة الخروج من الأزمة الخانقة.
– انطلاق حملة قمعيّة انتقاميّة ضدّ شباب الثورة وفعاليات النّضال الشعبي والديمقراطي بالتوازي مع الأحكام الصّادمة الصّادرة في قضايا شهداء وجرحى الثورة وإطلاق سراح رموز النظام السّابق وعودتهم إلى واجهة الحياة السياسيّة.
– استمرار حالة انخرام موازين القوى لغير صالح الشّعب وقواه الثّوريّة والتّقدّميّة رغم استمرار الاحتجاج الجماهيري كمظهر من مظاهر المقاومة الشّعبيّة في أشكالها المطلبيّة والسّياسيّة المشتّتة قطاعيّا ومحليّا دفاعا عن الحدّ الأدنى المعيشي والدّيمقراطي.
إنّ الندوة الوطنية الثانية للجبهة الشعبية، إدراكا منها لخطورة ما يقع تدبيره ضدّ الشّعب التونسي وجماهيره الكادحة على وجه الخصوص في سياق العمل على الالتفاف على مكاسب الثورة ومطامحها، تتوجّه إلى عموم التونسيات والتونسيين وإلى كافّة القوى السياسية الثورية والتقدمية والديمقراطية، أحزابا ومنظّمات وجمعيّات وفعاليات شبابية ونسائية وشخصيات، بنداء عاجل من أجل توحيد قواها وضمّ جهودها في المعارك التي تستوجبها القضايا الملحّة في سياق المراكمة النّضاليّة من أجل إنجاز المشروع الوطني والدّيمقراطي الذي تحتاجه بلادنا والذي يقوم على:
1 – اقتصاد وطني مستقلّ ومنتج للثّروة ومتطوّر ومندمج يعوّل على مقدّرات بلادنا المادّيّة والبشريّة وموجّه إلى خدمة الشعب، غير خاضع للإملاءات الأجنبيّة ومنظومات الفساد والسّمسرة والنّهب المحلّيّة والأجنبيّة.
2 – عدالة اجتماعية تكفل التّوزيع العادل للثّروة والمساواة بين الجهات وفئات المجتمع وبين المرأة والرّجل وتأمين رفاه العيش للجميع وللأجيال القادمة.
3 – نظام ديمقراطي يمارس فيه الشّعب سلطته دون وصاية ويكفل له الحرّيّة ويوفّر له مناخ الإبداع في جميع المجالات.
4 – علاقات بالخارج تقوم على احترام الاستقلال الوطني وعدم التّدخّل في الشّؤون الدّاخلية لبلادنا وعلى مناصرة قضايانا القومية العادلة وعلى رأسها القضية الفلسطينية ومنع التّطبيع مع الكيان الصهيوني والتصدّي لكلّ النّزعات الهيمنيّة والوقوف إلى جانب حركات التحرّر الوطني والاجتماعي.
وتجسيدا لهذا المشروع العام تدعو النّدوة الوطنية الثانية للجبهة الشعبية كلّ القوى التي لها مصلحة في تخفيف عبء الأزمة الرّاهنة وتحسين شروط العيش وحماية المنجزات الدّيمقراطية المكتسبة إلى النّضال سويّا من أجل:
أ – إفشال كلّ مسعى لتحميل تبعات الأزمة الاقتصادية للفئات الشّعبية والجهات المحرومة الجاري الإعداد له في «الحوار الاقتصادي » والعمل على فرض جملة الإجراءات الاقتصاديّة والاجتماعيّة العاجلة المنصوص عليها في مبادرة الرّباعي لتحسين المقدرة الشرائيّة والتّخفيف من البطالة وتحسين الخدمات الاجتماعيّة وخاصّة الصّحّة والتّعليم والسّكن والحدّ من التّهميش والتّفاوت بين الجهات.
ب – وقف الحملة الشّرسة على الحرّيّات وحملة المحاكمات في حقّ شباب الثّورة.
ج – توفير المناخ السّليم لانتخابات ديمقراطيّة وشفّافة ونزيهة وكحدّ أدنى لذلك تنفيذ مبادرة الرّباعي وخاصة:
– مراجعة التّعيينات وتحييد الإدارة بكلّ مصالحها المركزيّة والجهويّة.
– كشف الحقيقة في ملفّي اغتيال شهيدي الجبهة الشعبية شكري بلعيد ومحمد البراهمي وشهداء الأمن والجيش وكذلك في ملفّ شبكات الإرهاب والتّهريب والمال السياسي الفاسد.
– النّأي بالمساجد نهائيّا عن التّوظيف السّياسي والحزبي وعن استعمالها في التّحريض على العنف والتّكفير.
د – وضع استراتيجيّة وطنيّة شاملة بمشاركة جميع الفعاليّات المتداخلة في إطار مؤتمر وطني لمكافحة الإرهاب واتّخاذ الإجراءات العاجلة لمراجعة القرارات الرّسميّة في الملفّين السّوري واللّيبي على قاعدة رفض كلّ أشكال التّدخّل الأجنبي سواء بصورة مباشرة أو عن طريق ميليشيات الإرهاب، وفي هذا الإطار العمل على:
إعادة التمثيل الديبلوماسي مع سوريا إلى ما كان عليه حفاظا على مصالح جاليتنا وضمانا لمصالح بلادنا وأمنها.
إيجاد حلّ للوضع في ليبيا بما يحفظ وحدتها، أرضا وشعبا، ويضمن استقلال قرارها السّياسي ويتصدّى لمحاولة تحويلها إلى قاعدة للإرهاب تهدّد أمن واستقرار المنطقة.