بقلم النّاطق الرّسمي للجبهة الشعبية حمّة الهمّامي
نجحت الجبهة الشعبية في ضبط قائماتها الانتخابية الموحدة وفي تقديمها في الآجال القانونية. وجاءت هذه القائمات متنوعة، تنوع الجبهة. وقد تم، في اختيار أعضاء القائمات، اعتماد معايير أقرب ما يمكن للموضوعية، تراعي تمثيلية مختلف مكونات الجبهة، كما تراعي مبادئ الكفاءة والإشعاع والمصداقية. ولئن لم ترض الاختيارات النهائية كافة الجبهويات والجبهويين في مختلف الدوائر، وهو أمر طبيعي في عمل مشترك قد تتباين فيه التقييمات والتقديرات، فالأهم من كل شيء، هو أن الجبهة الشعبية حافظت على وحدتها وفهم مناضلوها ومناضلاتها أن ما يجمعهم أهم بكثير من ترشّح في قائمة انتخابية أو الحصول على مقعد في البرلمان.
وممّا يزيد الجبهويات والجبهويين اعتزازا بما أنجزوه، هو ما عرفته أحزاب أخرى، تبدو في الظاهر، موحدة عقائديا وسياسيا وتنظيميا، من استقالات وانسحابات وتشكيل قائمات مستقلة، وهو ما يعكس تهافتا على الكراسي، وتضاربا للمصالح، بينما الجبهة الشعبية المكونة من حوالي عشرة أطراف، لم تعرف مثل هذه الظواهر بفضل حكمة قياداتها ورصانة كوادرها في مختلف الجهات الذين تركزت نقاشاتهم على من هو أو من هي الأقدر على تمثيل الجبهة الشعبية وعلى إيصال صوتها في الانتخابات القادمة. وهذه الروح نابعة من مسألة أساسية وهي أن الجبهة ليست لها من مصلحة خاصة تدافع عنها غير مصلحة الشعب والبلاد.
واليوم وقد طويت صفحة تشكيل القائمات الانتخابية فإن صفحة جديدة قد فتحت، هي صفحة الإعداد السياسي والمادي للانتخابات حتى تحقق الجبهة الشعبية أفضل النتائج، وهي المهمة التي من الواجب التركيز عليها دون تأخير.
إن الجبهة الشعبية تتقدم اليوم إلى الشعب التونسي بديلا لإنقاذ تونس وإخراجها من الأزمة التي تتخبط فيها. وهذا ما ترجمته بشكل واضح ومركّز في برنامجها الانتخابي الذي صاغه خبراؤها انطلاقا من واقع تونس اليوم ومن حاجات شعبها الملحة. وعلى كافة مناضلات الجبهة ومناضليها أن ينشروا هذا البرنامج بشكل واسع ويشرحوا مضامينه وعليهم أن يبرهنوا للتونسيات والتونسيين، وخاصة منهم الفقراء والكادحين في المدن والأرياف والفئات الوسطى من المجتمع، أن هذا البرنامج، الوطني، الديمقراطي، الاجتماعي، هو الكفيل وحده بالسير بهم نحو ما يطمحون إليه من حرية وأمن واستقرار ونهوض اقتصادي وعدالة اجتماعية وكرامة وطنية.
لقد أكّدت في الرسالة التي توجّهت بها إلى الجبهويات والجبهويين يوم الجمعة الماضي أنهم مطالبون بتوجيه رسالة قوية إلى الرأي العام بأن الجبهة الشعبية، جبهة الأمل والعمل، باتت مشروع حكم وحان الوقت لكي تنال ثقة الشعب.
إن الحرية والديمقراطية والمساواة والعدالة الاجتماعية لا يحققها بشكل عميق وجدّي ومتماسك إلا من دافع عنها وناضل من أجلها وظل ملتصقا بهموم الشعب والوطن. وهذا هو حال مناضلات ومناضلي الجبهة الشعبية الذين دفعوا الكثير حتى لا تغرق تونس في الظلام الدامس ولا تنقطع عن التطور والتقدم.
وفوق ذلك كله فإن الجبهة الشعبية لا ترى في الحكم “غنيمة” يتقاسمها أعضاؤها، كما فعل “التجمع” قبل الثورة، و”الترويكا” بعد الثورة، بل هي لا ترى في الحكم غير الأداة التي يحقق بها الشعب مطالبه وطموحاته عبر المشاركة الديمقراطية في وضع البرامج والتصوّرات وفي تنفيذها والتمتع بثمارها، وهو ما يعني بالنسبة إلى الجبهة الشعبية تشريك كل الكفاءات الحقيقية في إعادة بناء الوطن والنهوض به بعيدا عن الروح الحزبية الضيقة لأن تونس ليست ملكا لحزب أو لفئة بل هي ملك لكافة أبنائها وبناتها العاملين، الجادين في إخراجها من التخلف.
إن الجبهة الشعبية هي أمل كل التونسيات والتونسيين الذين يرفضون عودة الاستبداد في أي شكل من أشكاله، ويرغبون بجديّة في إحداث التغييرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية العميقة الكفيلة بتغيير ظروف حياتهم المادية والمعنوية نحو الأفضل. إن مناضلات الجبهة ومناضليها مطالبون بتبليغ هذه الحقيقة للشعب، وهم قادرون على ذلك لقربهم منه ولصدقهم معه طالما أنهم يبلّغونه في شكل إجراءات جريئة ودقيقة وواقعية ما جمّعوه عبر الاتصال المباشر به بمختلف الجهات، من اقتراحات وتطلعات وأحلام، وهو ما أغنى ويغني الجبهة الشعبية عن اللجوء إلى مكاتب الدراسات الأجنبية المكلّفة التي تقترح بيع الأوهام وتكديس الوعود الكاذبة لغاية كسب المناصب كما حصل سنة 2011.
تونس في 4 سبتمبر 2014