صوت الشعب صوت الحقيقة
بقلم: علي البعزاوي
أسدل الستار على ثاني انتخابات تشريعية يقع تنظيمها بعد 14 جانفي 2011 لتفرز أغلبية ليبرالية يقودها حزب نداء تونس، مسجّلة تراجعا للقوى المحافظة، وتقدّما نسبيا لكنه هام للقوى الثورية المتمثلة في الجبهة الشعبية.
اللافت للنظر خلال هذه الانتخابات هو أنّ القوى الشبابية التي كانت حاضرة بامتياز خلال الثورة ولعبت أدوارا حيوية في التخلّص من نظام الاستبداد والفساد لم تكن حاضرة في العملية الانتخابية على عكس النساء والكهول وحتى الشيوخ.
نعتقد أنّ السبب الرئيسي لهذا العزوف هو الالتفاف على المسار الثوري الذي قادته الترويكا والذي أدّى الى استفحال ظاهرة الارهاب وتفشّي العنف والفقر وارتفاع منسوب المديونية ومعدلات البطالة…
أحلام الشباب بتحقيق أهداف الثورة وجني ثمار النضال تبخّرت فجاء الرد سريعا لأنه فقد الثقة في العملية الانتخابية التي حكمها سواء في 2011 أو 2014 التشويه على حساب البرامج والمال السياسي الفاسد.
“هرب من القطرة جا تحت الميزاب”
عزوف الشباب عن المشاركة ساهم في صعود القوى الليبرالية التي فازت مجتمعة بأكثر من 95 مقعدا (النداء+آفاق…) وهي قوى مرتبطة بالرأسمال العالمي ولن تخرج مهما تنازلت عن الخيارات الأساسية لهذا النظام وهي خيارات أنتجت التمايز الطبقي والفقر والحروب وكرّست تبعية الجنوب المفقر للشمال المكدس للثروات…
قد يعود الاستقرار السياسي ويتراجع النشاط الارهابي لأنه لن يجد الغطاء السياسي مثلما جرى في السابق لكن القضايا الكبرى للثورة ومطالبها الأساسية المتمثلة في التنمية والتشغيل والعدالة الاجتماعية وتطوير القدرة الشرائية… لن تجد طريقها إلى الحل لأنّ الخيار الليبرالي لن يساعد على ذلك.
أي دور للشباب في هذه المرحلة
الشباب يتحمّل بمعنى ما المسؤولية لأنه فرّط في استحقاقات الثورة وخيّر الفرجة وهو مدعو في هذه المرحلة الفارقة إلى مراجعة مواقفه بالقطع مع ثقافة المقاطعة السلبية لفائدة المشاركة الواسعة والواعية ودعم المرشح القادر على تحقيق التوازن السياسي والالتزام بأهداف ثورة الحرية والكرامة وقطع الطريق أمام تغوّل القوى الليبرالية حتى لا يعود الاستبداد والمحسوبية وتهمّش مطالب الثورة.
الثورة التونسية في مفترق طرق والقوى الشبابية من طلبة وتلاميذ ومعطلين ومهمشين وشباب عامل مدعوّة إلى التعاطي بشكل إيجابي ومفيد أولا بالمشاركة الواسعة في الاستحقاق الرئاسي وخدمة الأهداف التي استشهد وجرح من أجلها المئات من التونسيات والتونسيين.
دماء الشهداء وصراخ الجرحى والمهمشين واستغاثة المناطق المحرومة تنادي الشباب وعلى نطاق واسع حتى يهب للمساهمة في ترميم ما حطمته قوى الثورة المضادة وتحقيق المشروع الوطني الكبير الذي حلمت به الأجيال المؤمنة بالتغيير.
إنّ تونس الجديدة تونس الثورة ممكنة إذا استفاق الشباب وعاد ليصبح جزء من المشهد السياسي الوطني بمشاركة واسعة وواعية في العملية الانتخابية.
عاشت الثورة التونسية
عاش شباب تونس الثائر
من أجل مشاركة واسعة في الاستحقاق الرئاسي
