بقلم: علي الجلولي
تقترب الحملة الانتخابية الرئاسية من الانتهاء بتوجّه الناخبين لمراكز التصويت يوم الاحد 23نوفمبر ليختاروا رئيسا للبلاد لأول مرّة في التاريخ، وباقتراب موعد التصويت باحت الحملة ببعض من أسرارها ومازال البعض الآخر للأمتار الأخيرة والأخير ليوم التصويت.
أول سرّ باحت به هذه الحملة هو كون تعدّد الترشحات لم يكن في الأصل يعكس تعددا في التوجّهات والبرامج، بل كان في جانب كبير يعكس تشتتا داخل نفس العائلة الفكرية /السياسية، وهو أمر طال وشمل كل العائلات دون استثناء.
ثاني الأسرار هو كون جزء من الترشّحات لم يكن جدّيا بالمرة فالبعض انسحب قبل انطلاق الحملة أصلا(محمد الحامدي وعبد الرحيم الزواري) والبعض لم يعلق ولو ورقة بعد أن يئس من اسناد حركة النهضة خاصة بعد الحصول على صفر من المقاعد في البرلمان بعد أن كان شريكا للحكم(مصطفى بن جعفر)، والبعض يخوض معركة دونكشوتية لا موجب لها ولا مبرّر.
ثالث الأسرار هو سيادة منطق التسوّل في طلب الاسناد خاصة من حركة النهضة التي لم ترشّح أحد أعضائها، ومنطق التسوّل فاق كل الحدود خاصة في حالات عبد الرزاق الكيلاني ومحمد الفريخة ونجيب الشابي.
رابع الأسرار هو انتماء الاغلبية الساحقة من المترشيحن الى النظام القديم بفرعيه:جماعة 7نوفمبر وماقبله وذلك بعد أن ألغت حركة النهضة قانون العزل السياسي ليتمكن وزراء من مواقع متقدمة في الحكم المافيوزي لبن علي من المنافسة للرئاسة التي قد تؤول لأحدهم رغم أنف الثورة، أو من منظومة مابعد 14 جانفي و23أكتوبر الفاشلة (نجيب الشابي،بن جعفر،المرزوقي، الكيلاني) فضلا عن رموز المافيا الجديدة مافيا المال والإعلام.
خامس الأسرار هو أن هذه المعركة هي معركة طبقية بالأساس، فالبرجوازية الكبيرة تريد الحفاظ على السلطة للحفاظ على الثروة والسيادة والنفوذ لأجل ذلك نراها تتوحّد وينسحب ممثلوها لصالح بعضهم وصولا الى التقدم بمرشّح واحد من المرجّح أن يكون الباجي قائد السبسي لذلك فهي تستنفر له كل الطاقات والامكانات المادية والتقنية والإعلامية وكذلك المكينة القديمة التي ظلت تحكم لعقود.
سادس الأسرار هو تمزّق حركة النهضة بين التزاماتها البراغماتية لتي تقتضي اقتسام الكعكة مع النداء للبقاء في الصورة، وحاجتها لآليات ضغط على هذا”الشريك” ولم تجد الان إلاّ اسناد المرزوقي لابتزاز النداء وليس كما تدعي لأنه يمثل الثورة، فهي والمرزوقي أعلم الناس أن لاعلاقة لهما بالثورة مطالب وتطلعات.
سابع الأسرار هو كونه رغم الدور المؤثر للمال والإعلام في العملية الانتخابية فان للبرامج حضور، يتجلّى ذلك في اتساع حضور الجبهة الشعبية ومرشحها للرئاسية خاصة في الاوساط الشعبية بما يعكس بداية تحول مهم في الاستقطاب السياسي والاجتماعي في البلاد، فأن تلتحم الجبهة بالطبقات الشعبية فهذا مؤذن بتغير المعادلات السياسية التي ظلت محكومة بالمغالطة وتزييف الوعي المحكوم بالمال والإعلام، لذلك فالبلاد تتجه تدريجيا نحو الاستقطاب الأصحّ :الرجعية بجناحيها الحداثي والتقليدي من جهة، والقوى الثورية والتقدمية التي تعبر عنها الجبهة الشعبية من جهة مقابلة.
ثامن الأسرار هو أنه في خضم أسواق البيع والشراء مازال للقيم والمبادئ مكانة عند الناس من مختلف الفئات الشعبية، فالعديد يساند ويتحمّس في مساندة حمة الهمامي لأنه يرمز للصدق والأمانة والصمود وعفة النفس، رغم ماطاله من تشويهات لم تفتّ من عزيمته، والقناعة تتعزز بكون حمة هو الاقرب للناس بل هو من الناس،لذلك سرعان ما وجدت كلمة “حمة ولد الشعب” طريقها الى وجدان الجماهير وعقولها،وعلى خلفيتها يولد وعي جديد.
تاسع الأسرار هو تفطّن جزء متنامي من الناس أن الصراع السياسي في جوهره هو صراع بين مشاريع وتصورات لبناء البلد، اما بالخيار الوطني الشعبي واما بمواصلة نفس خيارات التبعية والتفقير والاستغلال، الخيار الثاني يبرز اليوم بنفس وجوه حكام الماضي القريب.
عاشر الأسرار هو يقظة شعبنا رغم محاولات المغالطة والإرباك، فالوعي يتقدّم بكون مصلحة تونس وشعبها لن تكون مع جماعة بن علي ولن تكون مع جماعة الترويكا التي عمّقت أمراض البلد وحوّلته إلى مرتع للإرهاب والإرهابيين. إن مصلحة تونس ليست مع الشعب الدستورية ولا مع الشعب الإرهابية، إنها مع ولد الشعب، مرشّح الشعب ورئيسه وليس مرشّح المكاتب المظلمة والمصالح الخفية والتعليمات الخارجية.
فلنكن جميعا يوم 23 نوفمبر مع “ولد الشعب،رئـــــــــــيس”.