حكومة حبيب الصيد المعلنة امس من عرين الشيخ في قرطاج و التي باركها لعذاري من عرين الشيخ الاخر في مونبليزير لها ايجابية واحدة و على غاية كبيرة من الاهمية و هي أن هذه الحكومة بتركيبتها الحزبية يمكن ان تكون بداية تصحيح مسار للصراع السياسي الذي تعرفه تونس منذ هروب بن علي حيث تم و منذ اليوم الاول بعد هروبه حرف الصراع عن مضامينه الحقيقية و تمكنت الرجعية ممثلة في اليمين الديني و الحداثوي على تضليل الجماهير الشعبية و تزييف وعيها عن قصد من خلال افتعال صراع هووي فلكلوري الغاية منه اثارة غبار يحجب رؤية الفقراء و البسطاء من ابناء شعبنا على مشاكلهم الحقيقية المتمثلة في فقرهم و نهب خيراتهم و جهودهم و مقدرات بلدهم لصالح زمر فاسدة متنفذة تتلحف كل مرة لحاف من لون لصرف انظار جماهير الشعب حفاظا على مصالحها و مصالح اربابها في دول المركز الراسمالي التي تنهب شعوب الارض جميعا لصالح اقلية من مصاصي دماء البشر و تجار الحروب و يكفي ان اليوم مدير صندوق النقد الدولي السابق يحاكم بتهمة ادارة شبكات الدعارة لنعرف حجم السقوط السياسي و الاخلاقي لهذه المؤسسات و من يقف ورائها و من ينفذ سياساتها في الدول الفقيرة مثل بلدنا …فهذا التحالف للقوى الليبرالية اليمينية المرتبطة بكل محاور الرجعية و الاستعمار و مؤسسات النهب في العالم قد كشفها و كشف زيف شعارتها الهووية التي رفعتها لمدة اربع سنوات و تبين للشعب ان خيطا متينا يربط هذه المجاميع التي افتعلت كل الخصومات السطحية الممكنة بينها لتظلل الراي العام تارة باسم الدين و تارة باسم الحداثة و غيرها و تنكشف كجسم واحد يعمل من اجل الحفاظ على مصالح قوى اجتماعية تعيش لمدة عقود طويلة على حساب مصالح الجماهير الشعبية المفقرة و الكادحة اعلان حكومة حبيب الصيد بهذا الشكل و قد ساهمت الجبهة الشعبية بذكاء خلاق نعم ساهمت و هي تهمة لا نرفضها في توريطهم في التحالف بعد أن رفضت منطق الغنيمة و تمسكت بمشروعها و رفضت انقاذ اي من الرجعيتين تحت شعار هووي يسمى الحفاظ على النموذج و وحدة القوى الحداثية و تمسكت بالمشروع الوطني الكبير في بناء الدولة الديمقراطية الاجتماعية ذات السيادة الكاملة و بتمسكها بهذا الامر لم تجد الرجعية بدا من كشف تحالفها بعد أن اعيتها الحيلة و بعد ان رفض اربابها في الخارج و أمروها بعدم التورط في وعد للشعب بالاستجابة لمطالب الجبهة الشعبية في برنامج الحكومة لانه سيكون بمثابة الحبل الذي سيلف على رقبتهم جميعا فكانت حكومة الصيد بهذا الشكل و انكشاف لتحالف رجعي عميل معادي لمصالح تونس و شعبها و مرتهن حتى الاذنين لكل محاور الرجعية و الاستعمار و مؤسساتها و لكنه جعلها وجه لوجه مع الجبهة الشعبية فلا تسطيع الان ان تدافع عن تحالفها باعتباره تحالف هوية أو تحالف قوى ثورة أو تحالف حداثة أو مدنية و هذا الامر جيد لانه جرد الرجعية من ادوات تظليل ابدعت في استعمالها لحرف الصراع الاجتماعي عن مضامينه الحقيقية و الان بدأنا في صراع واضح كما تعيشه كل الشعوب في العالم بين القوى اللبرالية المتوحشة التي تعمل للحفاظ على مصالح اقليات صغيرة متنفذة على حساب جموع الشعب و بين القوى الاشتراكية التي تناظل في كل الدنيا من اجل استرجاع الحقوق الى اصحابها و اعادة توزيع الثروة و السلطة بشكل عادل بين بني يالبشر حتى يعم الخير و السلام …فبهذا التحالف جاءت الرجعية في تونس بكل انواعها صاغرة الى المربع الحقيقي للمعركة الاجتماعية في تونس فلا تتركوها تهرب من المعركة تحت اي شعار اخر و ليكن لنا رؤية واضحة في ادارة الصراع لخمس سنوات او اكثر تنتهي بهزيمتها اكيد مثلما حصل في كثير من دول العالم خلال العقد الاخير و بالانتخابات و الديمقراطية ف”شعب النهضة ” كما كان يقول المرزوقي هو من الفقراء اصحاب المصلحة في التغيير الاجتماعي الذين ظللتهم الرجعية الدينية بشعارات الهوية فارغة المضامين الوطنية التحررية و “شعب النداء” اغلبيته الساحقة من الفقراء و البسطاء الذين ظللتهم الرجعية الحداثوية بشعارات الحداثة المزيفة الفلكلورية فارغة المضامين التحررية و الوطنية و من اشتراهم المال الفاسد للتجار و عملاء الشركات الاجنبية هم فقراء الناس الذين حانت الفرصة من اجل ان يكتشفوا حجم الخديعة التي مورست عليهم و لو بعد حين …فهذه الرجعية عارية موحدة في مواجهتكم جريدوها من كل اسلحتها في التظليل ستجرف قواعدها الانتخابية المتمثلة اغلبيتها الساحقة من فقراء شعبنا باتجاهكم كما حصل في امريكا اللاتينية و اليونان و غيرها …فهذه هي الايجابية الوحيدة لحكومة الصيد لا تضيعها و لتجبروهم على خوضها كما هي دون مواربة واضحة معركة بين العدل و الاستغلال معركة بين السيادة الوطنية و التبعية معركة بين الهوية ذات المضامين التقدمية الوطنية التحررية و بين الهوية الهووية منزوعة العزة التي تهدف لتخدير القوى الشعبية عن اهداف نضالها الحقيقي معركة بين الحداثة و الحداثوية . هذه ايجابية حكومة الصيد الوحيدة و هي فرصة كبيرة تتاح للقوى الوطنية التقدمية و من خلالها للشعب من أجل تصحيح المسار برمته و انقاذ تونس .
الامر الايجابي في حكومة الصيد ؟
محسن النابتي التيار الشعبي / الجبهة الشعبية