في إطار إحياء الذكرى الثانية لاغتيال الرفيق شكرى بلعيد أردنا تسليط الضوء على مدى تقدّم البحث في إماطة اللثام عن مرتكبي هذه الجريمة، وحول الانتظارات من التشكيلة الحكومية الجديدة فيما يخصّ كشف الحقيقة، فكان لنا الحوار التالي مع نائب الأمين العام لحزب الوطنيين الديمقراطيين الموحّد محمد جمور .
نحيي هذه الأيام الذكرى الثانية لاستشهاد الرفيق شكري بلعيد، أين وصل مسار الاحتجاج والمطالبة بكشف الحقيقة؟
كما تعلمون، الجبهة الشعبية تنظّم كلّ أربعاء وقفة احتجاجية للمطالبة بكشف الحقيقة لاغتيال الشهيدين وهذا الأربعاء 04 فيفري نُظّمت الوقفة 104 وقد شهدت حضور عدد محترم، ليس فقط من أنصار الجبهة الشعبية وإنما من مناضلين شرفاء مصرّين على التّواجد في هذه التظاهرة وخلال الوقفة تتولّى قيادات الجبهة الشعبية إعلام العموم بالمستجدات في الملف القضائي، ومن جهة أخرى لم ينقطع حزب الوطنيين الديمقراطيين والجبهة الشعبية عن طرح ملف الشهيدين على السلط السياسية: مع المهدي جمعة لما وقع تكليفه وأمام الحوار الوطني وكذلك على السيد رئيس الحكومة المكلف الحبيب الصيد.
ما هي آفاق الحركة الاحتجاجية المطالبة بكشف الحقيقة ومحاسبة الضالعين في الجريمة في ظل الحكومة الجديدة وهل أنّ تعيين ناجم الغرسلي كوزير للداخلية يسير في اتّجاه ذلك وهل توجد التزامات واضحة في هذا الشأن؟
عبّرنا في هذا السياق عن تحفظنا على ناجم الغرسلي الذي كلّف بوزارة الداخلية نظرا للشبهات التي حامت حوله والتي أصبح يعرفها الرأي العام فتكليفه يبقى إشارة سلبية في مسار الكشف عن حقيقة الاغتيال، لذلك نعتقد أنّ السيد الغرسلي لا يشكّل ضمانة في المساعي التي تهدف إلى تنقية وزارة الداخلية من الأمن الموازي ومن الأشخاص الذين ثبت تقصيرهم في تفادي الاغتيالين وحتى التواطؤ في ذلك وإلى تنقية الوزارة من العناصر التي عملت على حجب معطيات هامة على قاضي التحقيق المتعهّد بملف الشهيد لذلك نعتبر أنّ مسار الكشف عن الحقيقة يمرّ عبر النضال من أجل تغيير وزير الداخلية الجديد وتعويضه بشخصية بعيدة عن كل الشبهات، مقتنعة بضرورة مقاومة الإرهاب ولها الجرأة في اتّخاذ كل التدابير اللاّزمة لتوفير الأمان للمواطنين والأمن للبلاد وإماطة اللثام عن الأطراف المتورطة في اغتيال شكري بلعيد.
الآن وبعد تموقع الجبهة الشعبية ككتلة معارضة داخل مجلس نواب الشعب، هل من خطّة هادفة لدى النوّاب للدفع باتّجاه كشف الحقيقة عن الاغتيالات من موقعهم في الجهاز التشريعي؟
نعتقد أنّ نوّاب الجبهة الشعبية في مجلس نواب الشعب سيضعون ملف الشهيدين شكري بلعيد والحاج محمد البراهمي على رأس اهتماماتهم داخل المجلس ونتمنى أن يسعوا إلى إقناع الشرفاء في ذلك المجلس بأن يكوّنوا لجنة مستقلة للتحقيق في قضيّة الشهيدين، ومن ناحية ثانية لا يخامرنا شك أنّهم سيتناولون هذين الملفين بمناسبة كلّ لقاء مع رئيس الحكومة والوزيرين المعنيين بهذين الملفين أي الداخلية والعدل.
إنّ هذا العمل يبقى مع ذلك منقوصا إن لم يُسنَد بضغط شعبي وبضغط القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني والمنظمات الحقوقية التي تؤمن بأنّ نجاح المسار الديمقراطي في تونس يمرّ حتما عبر الكشف عن كلّ من تورّط في اغتيال بلعيد والبراهمي.
تحضر، في إطار فعاليات تظاهرة “شكري حي: كان معانا ولا فينا” عديد الوجوه التقدمية واليسارية، من الوطن العربي والعالم، تضامنا مع الحزب والجبهة وتحت عنوان مقاومة الاغتيال السياسي، هل من معطيات حول مشاركة هذه الرموز العالمية وهل من آفاق لتطوير هذا التضامن خدمة لقضية شهيد الوطن والجبهة الشعبية؟
سيشرفنا، حزبا وجبهة، حضور فعاليات إحياء الذكرى الثانية لاغتيال الشهيد بلعيد عدة شخصيات سياسية تقدمية من الوطن العربي والعالم. وفي حضورها دلالة لما يحظى به الشهيد من احترام لمواقفه القومية والأممية، وفي حضورها كذلك تعبير عن تضامنها مع نضالنا في تونس من أجل معرفة الحقيقة عن الاغتيالين وهو تعبير عن التضامن العربي والأممي بين القوى الثورية. ولقد رأينا أن لا تكتفي الجبهة بتقييم ذاتها بل أردنا فسح المجال لأصدقائنا ورفاقنا ليدلوا بقراءتهم حول التجربة التونسية ويثروا نقاشنا بمساهمات حول تجارب العمل الجبهوي في الوطن العربي وأوروبا والعالم. في هذا الإطار ستكون هنالك مساهمات للرفاق خالد حدادة، وماهر الطاهر والرفيق المعتصم من فلسطين ورفاق من المغرب ومن جبهة سيريزا وجون ليك ملونشون… وتبقى هذه المشاركة مناسبة لتبادل الآراء حول الوضع العربي والدولي ولأجل تطوير علاقات الحزب والجبهة مع هذه الأطراف.
تعدّ “مؤسسة شكري بلعيد لمناهضة العننف”، مشروعا مدنيا لمقاومة العنف السياسي في بلادنا، هل من برامج عملية في هذا الاتجاه؟
إنّ مؤسسة شكري بلعيد بُعثت لتواصل الرسالة التي آمن بها الشهيد وهي ضرورة مقاومة الإرهاب كوسيلة لفض الصراعات الفكرية والخلافات السياسية. إنها منظّمة مستقلة عن الحزب تعمل من أجل نشر ثقافة إدارة الخلافات في المجتمع بعيدا عن العنف والتكفير والإرهاب. في الختام ندعو كلّ المواطنين للمساهمة في إنجاح التظاهرات المبرمجة بهذه المناسبة عربون وفاء لشهيد الوطن شكري بلعيد وتأكيدا على إصرارهم على معرفة حقيقة الاغتيال الجبان الذي استهدفه يوم 6 فيفري 2013.
حاوره: أحمد المولهي