كتب القيادي بالجبهة الشّعبيّة والنّائب عنها بمجلس نوّاب الشعب “عمّار عمروسيّة“: “بوصلة”:
تعرف البلاد، كل البلاد، أشكالا احتجاجية متعدّدة تتوسّع حينا وتضيق أحيانا أخرى، وتتقوّى طورا وتخفت أطوارا.
ولعل الخيط الرابط بين مجمل تلك التحركات في القطاعين العام والخاص وفي المجال الشعبي العام هو التبرّم والسّخط من تقهقر الأوضاع وتردّيها إلى حدود لم يعد بالإمكان احتمالها والتعايش معها. فالحركة الاجتماعية والشعبية من الجنوب إلى الشمال، في المدن والأرياف على الطريق السّوي لالتقاط الأنفاس وتجديد القوى بما يضمن من جديد وضع الملفات الحارقة والمطالب المشروعة على طاولة الحكم والحاكمين أيّا كانت مسؤولياتهم. فإلقاء نظرة خاطفة على السّاحتين الاجتماعية والشعبية تجعل كل امرئ عاقل، ومحايد أيضا، يقف على حقيقة تكاثر بؤر الاحتقان وازدياد دوائر الغضب التي تتقاطع فيها المطالب الفردية مع نظيرتها الجماعية ويمتزج فيها القطاعي مع المحلي والجهوي الخ……
فالبلاد مثلما يقال على صفيح ساخن وكل فتائل الانفجار الاجتماعي تتّجه نحو مزيد التعفن والدخول من الباب الكبير إلى مدارات الاحتراق والحريق الذي يصعب على أيّ كان إخماده.
ومن المفارقات العجيبة حقا أن حكومة السيد “الحبيب الصيد” المسؤولة سياسيا وأخلاقيا وقانونيا عن معالجة هذه الأوضاع بما يضمن تلبية المطالب العادلة ويخفّض درجات الاحتقان تتصرف بعقلية قديمة وأساليب بالية لا تختلف في شيءٍ عن الحكومات السابقة وعلى الأخص زمن “الترويكا” فهي ـ أي الحكومة ـ مرّة تعمد إلى تشغيل الإسطوانة الممجوجة المتمثلة في “منحها مهلة” للتعرف عن المشاغل وبلورة برنامجها!! وحينا تعمد إلى التشويش عن المطالب المرفوعة وتشويهها (أحداث بن قردان، الثانوي)، وبين هذا وذاك لا تتوانى في ممارسة العصا الغليظة التي وصلت ذروتها باستعمال الرصاص الحي ضد المتظاهرين العزّل مثلما وقع بمدينة “الذهيبة”.
والحصيلة الوحيدة هي ضياع الوقت على التونسيات والتونسيين ومزيد سقوطهم إلى درجات مخيفة من الفقر و العوز والتهميش الاجتماعي والجهوي وسط محيط إقليمي ودولي ينذر بمزيد المصاعب واشتداد المخاطر المتأتية من آفات الإرهاب والارتهان أكثر فأكثر لإملاءات الدول الاستعمارية والصناديق الدولية (البنك العالمي، صندوق النقد الدولي) التي كثّفت من وتائر تدخلاتها المكشوفة والسرية في الشأن العام الوطني.
كتب ل”صوت الشّعب”: عمار عمروسية