بسم الله الرحمن الرحيم
” الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل ”
صدق الله العظيم
الأخ معن بشور
رئيس المركز الدولي للتواصل و التضامن ،
الإخوة و الأخوات المشاركون في منتدى” العدالة لفلسطين “
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته،
باسمي و باسم التيار الشعبي والجبهة الشعبية في تونس وباسم إخوتي وزملائي في مجلس نواب الشعب عن الجبهة الشعبة وباسم مؤسسة الشهيد الحاج محمد براهمي و إخوته و رفاقه أعبر عن سعادتي بالحضور بينكم اليوم في هذا المؤتمر في مدينة المقاومة و التسامح بيروت العروبة. واسمحولي بأن أتقدم بتحية إكبار للمقاومين و لكل الرجال و النساء الذين يواجهون اليوم العدو الصهيوني وأدواته الإرهابية و التكفيرية على امتداد الوطن العربي بكل الوسائل “الثقافية، الفكرية، القانونية، السياسية، العسكرية”
الإخوة و الأخوات الأعزاء،
من تونس الإباء من أرض الشهداء الذين قضوا على هذه الأرض الطاهرة في مواجهة العدو الصهيوني منهم على سبيل الذكر لا الحصر:
الطيار البطل ميلود بن الناجح نومة وعبد القادر المولوي وعمران كيلانى مقدمي ومصطفى الماجري …
وغيرهم كثير منذ سنة 1948 وفاء لدمائهم الطاهرة ودماء كل شهداء شعبنا في مواجهة الاستعمار وفي مواجهة نظام الاستبداد و العمالة الذي جثم على صدورنا منذ أكثر من خمسين عام نؤكد لكم موقفنا الثابت من الغزو الصهيوني لفلسطين العربية باعتباره أكبر وأطول عملية إرهابية عرفتها البشرية تم خلالها تطهير عرقي لشعب مسالم و إحلال محله عصابات جاؤوا بها من كل أصقاع الأرض على غرار المرتزقة الإرهابيين الذين يعيثون فسادا الآن في الوطن العربي و كونوا منهم قاعدة عسكرية لمنظمة إرهابية مسماة “الجيش الإسرائيلي ” تلعب دور كلب الحراسة لمصاصي دماء البشر في الكون.
وقد دفع شعبنا الفلسطيني وكل أبناء الأمة العربية مئات الآلاف من الشهداء في سبيل تحرير أرضه وإنقاذ الإنسانية على طول مسيرة كفاحية خالدة لأكثر من ستة عقود ارتكب خلالها العدو الصهيوني أبشع الجرائم في حق الإنسانية على مرأى و مسمع من العالم.
الإخوة و الأخوات الأعزاء،
أقولها بكل إيمان و لتسمع كل الدنيا أنه لا خلاص لهذه الأمة و لا سلام و لا عدل في العالم مادام هذا الكيان الفاشي العنصري البغيض قائم، فلم يعد اليوم وبعد أربعة عقود على توقيع اتفاقية كامب ديفيد الخيانية من مبرر للمراهنين على التعايش مع الكيان الصهيوني وان لهم أن يصمتوا وللأبد بعد أن بينت الأحداث الجارية اليوم في منطقتنا و بما ليدع مجالا للشك أن التراجعات الإستراتيجية السياسية العربية منذ سنة 1979كانت كارثة على الأمة العربية وعلى المستضعفين في كل ربوع العالم حيث سارت في اتجاه مناقض لجوهر الإستراتيجية العربية وقواعدها للأنظمة الوطنية في الخمسينات و الستينات من القرن الماضي بقيادة المقاوم الزعيم جمال عبد الناصر حيث ارتكزت الإستراتيجية العربية حينها على التناقض ألتناحري مع النظام الامبريالي وركيزته الحركة الصهيونية وإسرائيل كتناقض وجودي وتاريخي وحضاري شامل.
هذه التراجعات جعلت من النظام العربي الرسمي يستجدي الاعتراف بالحقوق الفلسطينية والعربية من واشنطن وتل أبيب رغم إدراكه باستحالة تحقيق ذلك الاعتراف خاصة بعد أن تم تكييف و إعادة هيكلة النظام العربي وفق شروط النظام الرأسمالي ، بحيث أصبحت أوضاعه الداخلية كلها رهينة للمقرر الخارجي ، الامريكي/الصهيوني ، وأدواته المتمثلة في الصندوق والبنك الدوليين ومنظمة التجارة الدولية وشروطها الاقتصادية السياسية و لاقتصادية و سيطرت القوى الرأسمالية ، الطفيلية ، والبيروقراطية ، و التجارية ، و العقارية ، و المالية الكبيرة على مجمل البنية الاجتماعية والسياسية العربية كل هذا خلق بيئة داخلية فاقدة كل مقومات المناعة والمقاومة لتصبح قابلة للاختراق الكبير الذي يحصل اليوم في بنية المجتمع العربي لتبدأ الصهيونية في تفتيت الكيانات العربية ، في السودان بين الشمال والجنوب ، وفي الجزائر بين البربر والعرب، وفي مصر عبر محاولات بث الانقسام والفرقة بين أبناء الشعب الواحد من مسلمين وأقباط ،وتجري محاولة تدمير الدولة السورية و تقسيمها إلى أكثر من كيان طائفي واثني لولا التضحيات التي يبذلها جيشها الوطني وقوى المقاومة للحفاظ على كيان الدولة وأحييهم جميعا و أترحم على شهدائهم .
وكذلك تنامي الحركات التكفيرية الإرهابية التي كونها ويدعمها الثالوث الشيطاني المعادي للامة العربية والإنسانية “الرجعية والاستعمار والصهيونية” حيث عملت هذه المجموعات الفاشية على حرف الصراعات الداخلية عن طابعها السياسي الديمقراطي الاجتماعي في إطار الوطن الواحد إلى طابعها الديني الشوفيني المتعصب ، ولا ننسى محاولات خلق عوامل الفرقة و العداء بين سوريا و لبنان التي تقودها الحركات الانعزالية و استمرار المحاولات الجارية لتفكيك العراق إلى طوائف أو دويلات شيعية وسنية وكردية و تفكيك ليبيا و اليمن و البحرين ونحن في تونس نعاني من المجموعات الإرهابية و القوى الرجعية العميلة التي تحالفت اليوم في السلطة لتنهي أمل التونسيين في التحرر و الانعتاق وفي استكمال أهداف ثورتهم العظيمة في الحرية و العدل والاستقلال الكامل و المساهمة في الجهد المقاوم من اجل تحرير امتنا. هذا الأمر لا تستثنى منه مشيخات الخليج فيها أكثر من مهيأة للصراعات القبلية و الطائفية في ظل فقدان مقومات الدولة العصرية .
و لا سبيل لإنقاذ الأمة والعربية والإنسانية إلا بتثبيت إستراتيجية قوامها:
التناقض الجذري مع النظام الامبريالي وركيزته الحركة الصهيونية وإسرائيل وهي ممكنة الآن بعد خبرة أكثر من ستة عقود من الصراع مع العدو.
فلنبني إستراتيجية مواجهة ونحن مسلّحين بخبرة المواجهة في الخمسينيات والستينيات.
فلنبني إستراتيجية و نحن محصّنين من جرثومة التسويات بعد فشل هذا الخيار من كامب ديفيد وواد عربة إلى أسلو وغيرها.
فلنبني إستراتيجية مواجهة و نحن مسلحين بخبرة المقاومة العربية في جنوب لبنان وفلسطين.
الإخوة و الأخوات الأعزاء
إستراتيجية المواجهة شاملة و تشمل مواجهة العدو ب:
1-الوحدة الوطنية على قاعدة المشروع التحرري العربي “الحرية ،العدل،الوحدة،تحرير فلسطين”
2-تعزيز قدرات المقاومة على جميع الأصعدة والعمل على وحدتها على طول خط المواجهة مع العدو.
3-عزل الكيان الصهيوني عربيا من خلال إصدار قوانين لتجريم التعامل والتطبيع معه في كل الأقطار العربية مثلما طالب بذلك الشهيد محمد براهمي قبل اغتياله حيث قدم فصلا دستوريا عرف حينها بالفصل27 لتجريم التطبيع مع الكيان لو لا خيانة الأغلبية الرجعية وتصويتها ضد الفصل حينها ولكننا نعمل الآن على استصدار قانون من مجلس نواب الشعب يجرم التعامل مع هذا الكيان ونطلب دعمكم .
4-العمل على إلغاء كل المعاهدات التي أبرمت مع العدو.
5-عزل الكيان عالميا و العمل على محاكمة قادته المجرمين على كل الجرائم التي ارتكبوها في امتنا وفي الإنسانية.
6-رفض وإدانة ومقاطعة كل من يطالب بتدخل خارجي في القضايا الداخلية لأقطار الأمة العربية و غيرها.
7-مقاومة الحركات التكفيرية والإرهابية واعتبر مقاومتها من مقاومة العدو الصهيوني.
8-رفض وإدانة كل احتكام للعنف في معالجة الأوضاع الداخلية للأقطار العربية .
9-مساندة وحماية العمل المدني السلمي في المطالبة بالحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
10-التصدي للرأسمالية المتوحشة ومشروعات الهيمنة ودعم خيار المقاومة ضد الصهيونية والامبريالية و أدواتهما في العالم.
ونوجه الدعوة لكل الأحرار في الوطن العربي والعالم حتى تكون الذكرى السنوية لاستشهاد الحاج محمد براهمي مناسبة لإطلاق مشروع الجبهة الشعبية العربية والعالمية لمقاومة الصهيونية والاستعمار والإرهاب والاستغلال والعنصرية.
وفي الختام نحيّي وقفتكم الإنسانية ونأمل نجاح هذه الدورة من “منتدى العدالة لفلسطين الدولي”
وأختم بكلمة كان يردّدها الشهيد الحاج محمد براهمي “لا خوف لا تراجع لا تردد”
فلا خوف و لا تراجع و لا تردّد حتى تحرير فلسطين كل فلسطين والمجد للشهداء والنصر للمقاومة .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
مباركة عواينية البراهمي
القيادية بالتيار الشعبي والجبهة الشعبية تونس
نائب في مجلس نواب الشعب تونس
بيروت في 22 و23 فيفري 2015