الشمال الغربي التونسي الذي إليه تنتسب تونس ومنه أخذت اسمها وفيه صُنع جزء كبير من تاريخها الناصع منذ غزو حنّبعل لروما. الشمال الغربي ماء غزير وخُضرة غامرة وطعام فائض على كلّ الأفواه وفقر منتشر وبطالة سائدة وعطش كبير وأودية منفلتة ومدن مهدّدة بالاندثار وأراض غارقة في وحل الشتاء ومهدّدة بحرائق الصيف وثروة وطنيّة مهدرة. أيّها التونسيّون؛ عليكم أن تعُوا أنّ حسن النيّة لم يعد كافيا لتفسير ما يحدث في حزامنا الشمالي الغربي الذي يطعمنا ويسقينا. نظام وراء نظام وحكومة تخلف حكومة ومسؤولون يتهاطلون عند الكوارث ولا حلول. كلّهم يذهب ليستطلع ويسمع ويعاين ويعود ليعلن استغرابه من الحالة وإقراره بصعوبتها! ليست هذه أدوار المسؤول الحكومي الذي يفترض أنّه وُضع في منصبه الذي يحتلّه لأنّ من اختاره رأى فيه الأصلح والأقدر على تنفيذ برنامج حكومي واضح.. قلت: يُفتَرَض. أخشى أن يكون هناك ما يشبه التخطيط المتوارث أو النيّة المتوارثة أو شيء كهذا لإهمال الشمال الغربي لتتعفّن أوضاعه. فإذا أهمِل الشمال الغربي (سليانة والكاف وجندوبة وباجة) لتتعفّن أوضاعه، وإذا وُضِع الجنوب (تطاوين ومدنين) والجنوب الغربي (توزر) أمام مصيره لتتعقّد أحواله، وإذا تُرك الوسط (القيروان) والوسط الغربي (سيدي بوزيد وقفصة والقصرين) لتسوء أحواله… ثمّ ماذا؟ أنا على كلّ حال لم أعد أثق في حسن الظنّ ..
(مصطفى القلعي)