هذا نصّ مداخلة النائبة عن الجبهة الشعبيّة بمجلس نوّاب الشعب مباركة عواينيّة البراهمي:
السيّد الرئيس.. السادة النوّاب،
يُعرض أمام مجلسكم اليوم مشروع قانون يتعلّق بالمصادقة على مذكّرة التّفاهم المبرمة بين حكومة الجمهورية التونسية والاتحاد الأوروبي.وما يجلب الإنتباه أنّ هذا المشروع غير مألوف في مشاريع اتفاقيّات القروض السابقة.الذّي أمامنا مشروع اتفاق قرض مع الجهة المانحة مصحوب بمذكرة تفاهم تثير الريبة والتساؤل،حيث تضمّنت جملة من الإجراءات المصاحبة نعتبرها أشدّ خطورة من القرض نفسه خاصّة وأنّنا نقترض لنسدد القروض !
إنّ الغاية من المشروع المعروض هي تمرير شروط ضمن مذكرة التفاهم يراد فرضها على الدولة التونسية وعلى الشعب التونسي وبالطّريقة التّي تضمن مصالح الدوائر المالية العالمية على حساب استقلال القرار الوطني وحق الشّعب التّونسي في رسم سياساته العمومية والقطاعيّة باستقلالية وسيادية تامّة خلافا للإجراءات التي تضمّنتها مذكرة التفاهم خاصة في ما يتعلّق بالإصلاح الجبائي واصلاح النظام البنكي بما يعنيه من خصخصة للبنوك العمومية الثلاثة وملف الدعم وفقا لإكراهات الدوائر المالية العالمية خصوصا في ما يتعلق بسياسة التقشف ورفع الدعم و إصلاح منظومة الصناديق الاجتماعية.
هذه أهم محاور مذكرة التفاهم التي وردت علينا في شكل نقاط لا نعلم تفاصيلها و محتواها ! ونحن متيقّنون أنها لن تكون مطلقا في مصلحة التونسيين بل في مصلحة الطرف الآخر من الاتفاق الذي تقف وراءه دول معلومة عُرفت بهيمنتها على ثروات الشعوب وإراداتها.
و نحن ندعو إلى مصارحة الشعب بواقع المديونية في بلادنا ووضعه على الطاولة و إخضاعه الى تدقيق معمّق و شامل.أين الأموال التي تمّ اقتراضها باسم التونسيين وفيما صرفت؟ خاصّة ونحن جميعا نعلم أن التداين والارتهان للدوائر المالية العالمية بلغ أقصاه، ولنتذّكر معا أنّ بلادنا كانت مدينة بـ25 مليار دينار سنة 2010، أمّا الآن، وبعد ثورة وشهداء وانتخابات،فقد بلغت الديون حوالي 45 مليار دينار.
سيّدي الرئيس، السّادة النوّاب،
ربّما للسلطة مفعول يجعل المرّ حلوا والقبيح جميلا.أمّا بالنسبة لنا، والى الأبد، مازالت التبعيّة تبعيّة والسيادة سيادة.مازال الاستعمار استعمارا والعبودية عبودية. وماتزال الدوائر المالية العالمية تسعى للهيمنة على الشعوب ومقدراتها وثرواتها.و للأسف لقد سمعنا اليوم في هذا المجلس من استمات في الدفاع عن هذه الدوائر والدعاية لها.ونحن بالمثل نستميت في الدفاع عن كون البنوك العالمية تصبّ في مصلحة الدول الاستعمارية الكبرى وأن املاءاتها تهدف الى رهن إرادة الدول الفقيرة وجعلها تابعة طيّعة مثلما كان نظام بن علي الفاسد والترويكا الفاشلة.
وقد زاد يقيننا اليوم -على قلّتنا -أنّنا على الطريق الصّحيح وأنّ الجبهة الشعبية اختارت الانحياز لأهلنا البسطاء المفقرين من أجل حياة كريمة ومستقبل مزهر لأبنائنا .