في دورة استثنائية نهاية الأسبوع، عقد حزب العمال اجتماع لجنته المركزيّة، تناول فيها عدة مسائل أهمّها مسألة “تفاقم ظاهرة الإرهاب التي عرفت، مع العملية الإجرامية التي ارتُكبت يوم 18 مارس بمتحف باردو بالعاصمة، تحوّلا نوعيا باستهدافها المدنيّين من السّياح ومن التونسيين العاملين بالمكان (23 قتيلا و43 جريحا) واستهدافها قطاعا اقتصاديا هاما، أي القطاع السياحي الذي يعيش منه مئات الآلاف من الأُسر”، مثلما جاء في بيانه.
وأضاف نصّ البيان “أنّ هذه العملية حصلت في وضع داخلي هشّ وغير مستقر، سياسيا وأمنيا، ومتأزم، اقتصاديا واجتماعيا. كما أنها حصلت في وضع إقليمي متفجر، خاصة في ليبيا. وهو وضع له انعكاسات مباشرة على بلادنا التي تمثل الجماعات الإرهابية العاملة بها، جزء لا يتجزأ من الجماعات الإرهابية العاملة بالأقطار العربية الأخرى، المجاورة والبعيدة. وهو ما يجعل من الظاهرة الإرهابية في تونس ظاهرة غير معزولة، بل حلقة من شبكة كاملة تمتد من بلاد المغرب إلى العراق واليمن وأفغانستان وباكستان. وهذه الشبكة الإرهابية وراءها دول ورجال أعمال ومؤسّسات وأجهزة مخابرات تلتقي كلها حول مشروع واحد وهو تفتيت الأقطار العربية والإسلامية على أسس طائفية لإضعافها وتسهيل إخضاعها والسيطرة عليها بما يخدم مصالح القوى الاستعمارية الغربية والصهيونية والرجعية العربية.”
وعن أبعاد هذه المعضلة أضاف بيان اللّجنة المركزية “أن هذا الوضع في بعديه الداخلي والخارجي يبيّن خطورة الظاهرة الإرهابية في تونس التي تمكّنت من أن تستوطن، خاصة في فترة حكم الترويكا، وتجد لنفسها حاضنة اجتماعية، متغذّية من الفقر والتهميش والضياع الفكري والثقافي. وهو ما يؤكّد أن الحسم معها لن يكون بسيطا بل سيأخذ وقتا. كما أنه يقتضي بلورة إستراتيجية وطنية تأخذ بعين الاعتبار كافة الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية والدينية والأمنية والعسكرية والخارجية للإرهاب. ولأن الضحية الأساسية للإرهاب عامّة هو الشعب والوطن (العنف والقتل والتشريد، ضرب الحريات، تدهور الظروف المعيشية والخدمات الاجتماعية والثقافية، التدخل الأجنبي الخ..) فمن واجب القوى الثورية والديمقراطية أن نكون في طليعة النضال ضد الإرهاب دفاعا عن العمال والشعب، دفاعا عن الشباب والنساء والمثقفين والمبدعين، دفاعا عن الوطن وعن الحضارة ضد الهمجية والوحشية.”
وعن سبل التصدّي لهذه الظاهرة الخطيرة أفاد البيان “أنّ تأمين النجاح في مقاومة الإرهاب يفرض علينا أن نربط بين مكافحة الإرهاب وبين أهداف الثورة، بين مكافحة الإرهاب وبين تحقيق مطالب الشعب. كما يفرض علينا مواجهة كل محاولة لاستعمال مقاومة الإرهاب لتبرير انتهاك الحريات وحقوق الإنسان، أو إعادة رموز القمع إلى مناصبهم أو تجريم النضال الاجتماعي أو الالتفاف على العدالة الانتقالية تحت غطاء “الوحدة الوطنية” الخ. إن أكبر ضمانة لتحقيق وحدة وطنية حقيقية هي احترام حرية الشعب وحقوقه وكرامته وبناء مؤسسات ديمقراطية قوية وإصلاح المنظومة الأمنية والقضائية والإدارية ووضع سياسية اقتصادية وطنية تضمن الحد الأدنى من مقومات الحياة الكريمة للشعب ودعم التعاون مع الأشقاء والأصدقاء الحقيقيّين.”
وختمت اللجنة المركزية لحزب العمال بيانها بدعوة “كافة القوى الوطنية والديمقراطية والتقدمية وعلى رأسها الجبهة الشعبية إلى النضال سويا من أجل عقد المؤتمر الوطني لمكافحة الإرهاب الذي كان من المفروض أن ينعقد منذ السنة الفارطة لمناقشة الظاهرة الإرهابية وتقييم الوضع الداخلي والإقليمي وضبط إستراتيجية وطنية لمقاومة الإرهاب. كما أنها تدعو كافة مناضلات الحزب ومناضليه إلى الانخراط في كل التحركات الشعبية التي تهدف إلى التعبئة ضد الإرهاب وسدّ المنافذ أمامه.”