“الجبهة الشعبيّة كانت حاضرة في ابتسامة الشهيدين شكري بلعيد ومحمد براهمي الحاضريْن على الدوام في القلب من ساحة باردو، ساحة الخلاص من حكم التمكين للإرهابيين.
أكثر ما أزعج أنصار النهضة هو عدم حضور الجبهة الشعبيّة لمسيرة باردو. لذلك فبمجرّد إنهاء الكرنفال، انبرت صفحاتهم لشنّ حملة تشويه ضدّ الجبهة واتّهامها بدعم الإرهاب والتشكيك في وطنيّة مناضليها، بل لعلّ ذلك لم يشف غليلهم بل وجّهوا الأوامر لخلاياهم النائمة داخل صفحة الجبهة الشعبيّة للتهجّم على كلّ تنزيلاتها من خلال تعليقات تقطر حقدا وإرهابا. بصراحة أضحكني هذا السلوك ولكنني لم أستغربه فهو ينمّ عن شعور لا يحسدون عليه باهتزاز ثقتهم في أنفسهم وخوفهم المرضي من المحاسبة على الحاضنة التي وفروها أثناء سنوات حكمهم للإرهاب وللإرهابيين، وهي التهمة التي لن يستطيعوا دفعها مهما حاولوا ذلك، وهم من كانوا منذ سنتين جنبا إلى جنب معهم في الاجتماعات والمسيرات تحت رايات الحمامة والعقاب، قبل أن تحطّ حمامتهم التي تعبت ونتف ريشها على نخلة النداء المتهالكة عاجزة ومستسلمة لقدرها بعد أن هبت رياح دوليّة جديدة أهلكت سرب الإسلام السياسي الزاحف على تونس وعلى المنطقة العربيّة.
بكل بساطة ودون تعقيدات الجبهة الشعبيّة ليس لديها ممّا تخاف وموقفها من الإرهاب معمّد بدم قادتها ورموزها، وهو موقف واضح وحاسم لا يحتاج للتدليل عليه بالخروج في مسيرات كرنفاليّة مع الدول الداعمة للإرهاب كقطر والسعوديّة والموظفة له في سوريا خدمة لمصالحها كالولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا، أو مع الحزب الذي قام برعايته واحتضانه وتسهيل تغلغله في مفاصل الدولة ومكّن له من فرصة الحصول على دروس تكوينية من مشايخ التكفير الذين تم استقبالهم استقبالا رسميا من حكومة النهضة ومن القيام بتربصات على القتل في سوريا وليبيا تحت مسمى الجهاد.
كما أن الجبهة الشعبيّة ليست محتاجة لرفع تهمة تلاحقها أو شبهة تقض مضجعها بالتعامل مع الإرهاب، لذلك لم يكن قادتها ولا مناضليها مدفوعين تحت الإكراه للحضور كما وقع مع “زعيم” شعب المواطنين منصف المرزوقي.
ورغم كل التهم التي وجهت للجبهة فإنّه لم يحدث أن تمّ مجرد الإشارة إلى تعاطيها مع الإرهاب على خلاف حزبي النهضة والنداء الذي سبق لهما وأن تبادلا الاتهامات بالتورط في الإرهاب.
لكن فات أنصار النهصة أمر لا أتصورهم إلا سعوا إلى تناسيه، الجبهة الشعبيّة كانت حاضرة في المسيرة وبقوّة ولو رفعتم رؤوسكم المثقلة بالخوف والارتباك إلى فوق وأنتم تتذكرون في كل خطوة تخطونها في باردو مناسبة جمعتكم مع الإرهابيين وخاصة أنصار الشريعة “إخوتكم” في الإسلام والجهاد الذين لم يتأخر شيخكم في التأكيد على كونهم يذكرونه بشبابه الإرهابي وأنهم يبشرون بثقافة جديدة برّرها بنظرية “التدافع الاجتماعي”، لرأيتم الشهيدين محمد براهمي وشكري بلعيد في القلب من ساحة باردو ينظران باسمين إلى وجوهكم المنافقة بسخريّة واستهزاء ويعدونكم أن دماءهم التي حررت الشعب التونسي من إرهابكم ذات اعتصام للمصير من نفس الساحة ستحاسبكم مهما طال الزمن”.