أعادت الثورة بعض الأمل للناشطين في الحقل الثقافي بتجاوز عقلية اللوبيات الثقافية في تنظيم التظاهرات والملتقيات والمهرجانات، سواء على مستوى جهوي أو وطني. لكن الوقائع التي تلت السنوات الأولى بخّرت كل تلك الآمال، فلا ملفات الفساد في القطاع الثقافي التي طالبنا بها عديد المرّات طرحت على طاولة الوزارة، ولا أسلوب العمل المرتكز على المحسوبية والصحبة والقرابة و”تدبير الراس” تمّ التصدّي لها ومحاسبة المسؤولين عنها وعن تفشّيها في المؤسسات الثقافية وبرامجها.
فلو نظرنا بعين دقيقة إلى مجمل التظاهرات المركزية والجهوية، الدّولية والوطنية، للاحظنا دون عناء تردد نفس الأسماء ونفس المشاركين. ليتقاسموا بالطبع نفس الكعكة الثقافية. فالمعنيين بالمهرجانات الأدبية يدعون أصدقاءهم في الندوات وفي الأمسيات، كما يقع برمجة المسرحيات وتوزيع عرضها حسب الولاءات والمعارف وعلاقة هذا بذاك، دون اعتبار للقيمة الإبداعية من حيث مضمونها ومن حيث المعالجة الفنّية. يكفي أن تصادق مدير المهرجان لتكون من ضمن المشاركين المبجّلين.
كما أن العديد من العاملين في المؤسسات الثقافية كدور الثقافة ومراكز الفنون الدرامية يستغلون حضورهم كموظّفين بتلك المؤّسسات ليوظّفوا كل إمكانات المؤسسة لإنجاز أعمالهم الخاصة سواء أثناء الإعداد والتمرين، أو في مرحلة التوزيع. وسنعود لهم في أعداد قادمة لعرضهم بأسمائهم وبتجاربهم، ونقارن بين ما قدّموه لأعمال المراكز الدرامية ودور الثقافة التي هم موظّفون صلبها وبين ما روّجوه من أعمال خاصة بهم تتبع شركاتهم الخاصة مستغلين موقعهم الإداري.
ونحن إذ نعرض هذا فمن اجل فتح ملف الفساد الإداري والمالي في هذا المجال من قبل وزارة الثقافة ومنظوريها جهويا كالمندوبين الجهويين للثقافة. وإن لم نلقى تجاوب وآذان صاغية فإننا ندعوا المثقفين في كل الجهات لتنظيم صفوفهم والوقوف بالمرصاد لمثل هذه السلوكيات المشينة. كما ندعو إلى تنظيم تحركات احتجاجية إذا لزم المر من أجل تصفية القطاع الثقافي من الانتهازيين والسمسارة.
بقلم: سمير طعم الله