هل يمكن لك ان تصدق -وانت المواطن المهتم ولو فضوليا بارساء المجلس الاعلى للقضاء -ان لجنة التشريع العام بمجلس نواب الشعب التي لبثت في دراسة مشروع الحكومة المتعلق بالمجلس الاعلى للقضاء قرابة الشهرين قد انهت اعمالها بعد ان غيرت من جوهر ذلك المشروع اعتقادا منها -على مايبدو- ان المشروع الاصلي قد اعدته لجنة فنية مكونة من قضاة تم تشكيلها على عهد حكومة السيد مهدي جمعة – وليس هنا وجه الغرابة -لكن المثير ان تعمد تلك اللجنة المنتخبة -ومن بين اعضائها محامون محترمون ووزير سابق للعدل -الى تتبع نص المشروع المعروض عليها لكي تمحو منه كل ذكر للسلطة القضائية ولكم ان تقفوا على ذلك بمراجعة نص المشروع الذي انزله مجلس نواب الشعب بموقعه يوم 8 ماي 2015في انتظار احالته عل الجلسة العامة.
ودون التوسع في هذا السياق الى تنبيه المواطن “المسكين ” الى الفضائع العلمية و الحقوقية التي تضمنها المشروع وما ينتظره من جراء ذلك في صورة اقرار تلك الفضائع اكتفي بالاشارة الى ان مشروع القانون الذي سبق تغييره من قبل وزير العدل قد تضمن كحد ادنى الاشارة في موضعين الى القضاء بعبارة “السلطة القضائية “وهو المصطلح الوارد بالدستور تطبيقا لمبدا التفريق بين السلط (الباب الثالث)
.فقدنص المشروع الحكومي في فصله الاول -نقلا عن مشروع اللجنة الفنية -ان المجلس الاعلى للقضاءهو مؤسسة دستورية “يمثل السلطة القضائية “وقدتراءى لاعضاء اللجنة ان هذا المجلس -حسبما ورد بتقريرها -لا يمثل وحده السلطة القضائية بل هو جزء منها لينتهي الى ضرورة حذف عبارة “يمثل السلطة القضائية ” وكذلك حصل .واضافة لذلك نص الفصل الثالث من المشروع ان رئيس المجلس الاعلى للقضاء واعضاءها يؤدون اليمين التالية”اقسم بالله العظيم ان احافظ على استقلال السلطة القضائية طبق احكام الدستور و القانون…”وفي هذا الشان لا يبدو ان في الامر منكرا لكن اللجنة قد اتجهت على خلاف ذلك الى طرح الموضوع للنقاش ولاحظ بعض الاعضاء -طبق ما ورد بالتقرير المحرر من اللجنة-ان القسم لا يجب ان يخرج عن مقتضيات الفصل 114 من الدستور وتم اقتراح تغيير مصطلح “السلطة القضائية “بالقضاء في حين راى البعض الاخر معارضة التغيير اعتبارا لان للسلطة القضائية معنى اشمل من القضاء وبعد النقاش حسبما قيل اقرت اللجنة باغلبية اعضائها اعتماد عبارة “القضاء”
.ولكي يقتنع الناس بسبب الاستغناء عن مصطلح السلطة اشارت اللجنة الى الفصل 114 من الدستور الذي ينص على ان المجلس الاعلى للقضاء يضمن حسن سير
القضاء (لا السلطة)واحترام استقلاله.وبذلك اختفت السلطة من مشروع المجلس وتم محوها تماما احتراما للدستور
.ولعلي الان اكثر اقتناعا بان مشروع القانون المعد من لجنة التشريع العام لاعلاقة له بالسلطة القضائية بعدان سعت اللجنة الى تنقيته كما ينقى الثوب من الدنس .ولنا عودة الى الموضوع
بقلم احمد الرحموني رئيس المرصد التونسي لاستقلال القضاء