قال مصدر مسؤول بالشركة التونسية للانشطة البترولية لوكالة تونس افريقيا للانباء طلب عدم الكشف عن هويته، إنه على الإدارة العامة للطاقة بوزارة الصناعة “ان تتدخل فى أسرع وقت كي لا تتم عملية بيع مصالح الشركة الايطالية “إيني” في تونس قبل أن تخلي الشركة الإيطالية ما هو متخلد بذمتها على مستوى قاعدة البيانات (كل المعلومات حول أنشطة الشركة في تونس والمخزونات والامكانيات والحقول المستغلة…) وتقارير التدقيق المالي”.
فاذا تمت عملية البيع، على حد قوله، “لا يمكن باي حال من الاحوال محاسبة المستثمر الجديد على تجاوزات الشركة السابقة اضافة الى كونه قد يواصل التمشي فى نفس الاخلالات”.
وبرحيل الشركة الإيطالية “ايني” من تونس بعد عقود قد يفتح ملف ظل الولوج إليه صعبا لتنقلب الموازين ويرى التونسيون النفع فى ما يسوق على أنه ضار.
شبهات فساد فى انتظار الاثبات:
ورغم توفر معلومات على وجود شبهات فساد فى قطاع المحروقات الا انه لم يتم، بعد، فتح تحقيق جدي في هذا الخصوص.فقد كشف تقرير اللجنة الوطنية للاستقصاء حول الفساد والرشوة، واستنادا الى الوثائق التى تم العثور عليها بعد الثورة بمقرات مصالح رئاسة الجمهورية، عن وجود شبكة من الاشخاص المتورطين فى ممارسات مشبوهة على حساب مؤسسات عمومية متدخلة فى قطاع الطاقة بالتواطؤ مع اشخاص مقيمين بالخارج.
ينضاف الى ذلك ما ذكرته دائرة المحاسبات فى تقريرها (عدد 27) من قيام عدة شركات نفطية بتجاوزات وسوء تصرف يتعلق باستغلال رخص البترول.
ويذكر في هذا السياق أن شركة “إيني” لم تلتزم بالحلول الفنية المتفق بشأنها مع المؤسسة التونسية للانشطة البترولية بامتياز “ادم” الذي بلغت قيمة الغاز المحروق به 93 مليون متر مكعب وذلك في سنة 2010 فقط، حسب ما ورد فى تقرير دائرة المحاسبات.
كما اظهرت الفحوصات المجراة على التقارير الخاصة بالتدقيق في مصاريف الامتيازات الغازية قى كل من “وادي الزار” و”ادم وجبل قروز” التابعة لشركة “ايني” و”الشرقي” و”باقل” و”الفرانيق”، ان معدل التاخير في انجاز عمليات التدقيق فاق 6 سنوات ليصل الى 14 سنة في ما يخص النفقات المتعلقة باعمال الاستكشاف لامتياز “باقل” و”الفرانيق”.
ويبلغ عدد هذه التقارير 27 تقريرا بمبلغ جملي ناهز 1361 مليون دينار (نفقات الشركتين التونسية والايطالية).
وقد اعلنت فوزية باشا المحامية والباحثة فى مجال عقود النفط والقوانين المتعلقة بالمحروقات في حوار مع (وات)، “انه فى حال غادرت شركة “ايني” البلاد دون مساءلة حول التجاوزات المذكورة فى تقرير دائرة المحاسبات (رقم 27) فسيكون ذلك بمثابة “تبرئة ذمة لهذه الشركة وخرق للقوانين وتشجيع للشركات الأخرى على المس من سيادة الدولة التونسية”.
وذهبت إلى حد القول بان مصادقة الوزارة على صفقة بيع مصالح “ايني” إلى شركة أخرى يعتبر “تبييضا” ويوجه رسالة غير مطمئنة للأجيال القادمة التي لها الحق في ثروات بلادها”.
واعتبرت باشا التى تتراس جمعية “المحافظة على الثروات الوطنية” أن وزارة الصناعة من خلال الإدارة العامة للطاقة واللجان التابعة لها لم تقم بدروها الرقابي كما يجب مستدلة في ذلك بالتجاوزات وعمليات التدقيق التى لم يتم إنجازها مثلما ذكره تقرير دائرة المحاسبات عدد 27.
وتساءلت “ما الذي دفع بأعرق واكبر شركة منتجة للبترول فى تونس إلى مغادرة البلاد بعد كل هذه السنوات، عدا التهرب من الفساد والتفصى من المسؤوليات”؟.
وكانت الاستاذة فوزية ونيابة عن جمعية “الولاء للوطن” و”توانسة ضد الفساد”، قد تقدمت فى سنة 2013 بعريضة الى رئيس الحكومة على العريض واعضاء حكومته (وزير الصناعة مهدي جمعة وكاتب الدولة للطاقة والمناجم ووزير الحوكمة والفساد ووزير املاك الدولة سليم بن حميدان)، طالبت فيها الاذن بعدم منح أي ترخيص فى الاحالة لرخص الاستكشاف اوالبحث اوالاستغلال لاي شركة نفطية ثبت تورطها اوارتكابها تجاوزات ومخالفات للتشريع التونسي.
وورد فى العريضة، التى تحصلت (وات) على نسخة منها، ان جميع الشركات المتحصلة على الرخص (ادم وميسكار وشمال الشطوط والشرقي وقرمبالية ومجردة وراس مرمور وجناين الشمال وجناين الجنوبي وجلمة والبرمة وشمال مدنين وكركوان والواحات والزارات والشرقي واميلكار وقيروان الشمالية وشعال وباقل والفرانيق) تحاول التفويت فى حقول نفط وغاز لشركات اخرى بهدف التفصى من مسؤولية المحاسبة والعقاب على ما ارتكبته من مخالفات والتى قد تصل الى تجريدها من حقوقها فى الرخصة مهما كان نوعها وارغامها على التعويض للدولة التونسية طبق القانون التونسي والقانون الدولي.
ويذكر أن وزير الصناعة قد برر رحيل “إيني” من تونس بارتفاع كلفة الإنتاج وتراجع أسعار برميل النفط على المستوى العالمي إضافة إلى قرار الشركة الام تغيير استراتيجيتها. ونفى الوزير أن يكون هذا الرحيل سببه الظروف الأمنية. “ايني” تحصلت على الموافقة لفتح القاعدة المعلوماتية للشركات المهتمة.
وافاد مدير عام الطاقة بوزارة الصناعة رضا بوزوادة، ان شركة “ايني” قد تحصلت على الموافقة لفتح القاعدة المعلوماتية (الانتاج ونتائج الاستكشاف…) للشركات المهتمة باقتناء حقوقها والتزاماتها فى تونس وذلك بعد ان عبرت عن رغبتها فى البيع.
كما يتعين على الشركة ان تطلب من الوزارة ان ترخص لها فى فتح قاعدتها المعلوماتية للشركات التى تعبر عن نيتها فى الشراء وتلتزم بابرام عقود سرية لنشر المعطيات ثم اطلاق طلب عروض.
حان الوقت لتمسك الدولة التونسية بزمام الأمور في مجال البحث والتنقيب عن البترول:
وقال المصدر من المؤسسة التونسية للانشطة البترولية، “أن الوقت قد حان لتمسك الدولة التونسية بزمام الأمور في مجال البحث والتنقيب عن البترول وتحيين القوانين في هذا المجال بما يتناسب مع الوضع الحالي بالبلاد، معتبرا الحجج التي تقدمها بعض الأطراف السياسية الوطنية والتي مفادها أن تونس تفتقر للكفاءات في هذا المجال مجرد “عقلية انهزامية وعقدة نقص وتبعية للغير”.
وأضاف “لدينا اليوم التكوين اللازم ولكن ما ينقصنا هو الإرادة والتصرف الرشيد والشفافية والرغبة الحقيقية في مقاومة الفساد والتحرر من قيود البيروقراطية مع العلم أن معظم المستغلين الأجانب يستقطبون كوادر وكفاءات تونسية من الشركة الوطنية نفسها ويمنحونهم أجورا مرتفعة”.