عاد “جاك اوديار” هذا العام إلى المنافسة مع فيلم Dheepan وهو فيلم حول الإبعاد السياسية والأمل في إعادة بناء حياة الفرد من جديد . إنها عودة منتظرة لمخرج فيلم صدأ وعظام De Rouille et d’Os.
ديفان هو محارب تاميل، نمر يدافع عن استقلال التاميل في سريلاتكا. يقرر الهرب من بلاده التي يسودها العنف والانهزام من خلال الفرار مع امرأة ليست امرأته وطفلة لسيت طفلته إلى باريس على أمل بناء حياة أفضل. في العاصمة الفرنسية، ينتقلون من دار استقبال إلى آخر … إلى أن يصبح ديفان حارس بناية سكن. لكن رداءة وضعه وبيته تجربه على الكفاح أكثر فأكثر لتحقيق الحياة الجديدة التي يحلم بها.
لتنفيذ هذا الفيلم، لجأ أوديار إلى ممثلين تاميل من غير المحترفين : أنطونيتازان جيزوتازان كاتب وكاليازواري سرينيفازان التي عملت في المسرح. وحدهما فينسان روتييه ومارك زينغا هما الممثلان المحترفان في الفيلم. استمد سيناريو الفيلم إلهامه من رواية رسائل فارسية لمونتسكيو التي كتبها عام 1721. في هذه الرواية الشهيرة للفيلسوف، يسافر صديقان إلى باريس ويخبران رؤيتهما للعاصمة في القرن الثامن عشر. إن جاك أوديار الذي استمد وحيه من
مونتسكيو، يهتم بالنظرة التي يلقيها أي أجنبي على بلده.
ها هو يطرق هذه السنة، بفيلمه Dheepan، موضوعاً مغايراً تماماً. اختار إسناد الأدوار الرئيسية فيه الى ممثلين غير محترفين اختارهم من بين اللاجئين التاميل في باريس، مجازفاً بتصوير عمله هذا كاملاً باللغة السريلانكية.
لكن أوديار ــ كعادته ـــ راوغ الذين توقعوا منه أن يقدّم ميلودراما تتماشى مع موجة التعاطف الغربية (الكاذبة) مع مآسي المئات من اللاجئين والمهاجرين السريين الذي يقضون في حوادث قوارب الموت في عرض المتوسط. منذ البداية، يكشف الفيلم ـــ من دون مواربة ـــ أنّ بطله «ديبان» يسطو على أوراق الهوية الخاصة بعائلة من المرشحين للهجرة، ماتوا في حادث قبل ستة أشهر. ثم يفتش بين جموع المرشحين للهجرة عن امرأة وفتاة في الثامنة يصطحبهما معه على المركب الذي يسافر على متنه الى فرنسا، لتسهيل حصول الثلاثة على اللجوء السياسي، بحجة أنّهم زوجة وزوج وابنتهما هاربون من مجازر الاقتتال العرقي في بلادهم.
بذلك، أراد المخرج كسر الصورة المثالية للتعاطف الميلودرامي المبالغ فيه مع اللاجئين، بوصفهم ضحايا أبرياء في المطلق، ليبرهن بأنهم ليسوا ملائكة، بل بشر من لحم ودم، يناضلون لإيجاد مكان تحت الشمس، حتى لو تطلّب ذلك منهم التزوير والكذب والاحتيال. واذا بذلك كلّه لا ينتقص من تعاطف المشاهد معهم، حيال المعاناة الانسانية الناجمة عن هربهم من أتون الحروب الأهلية. وما زاد من هذا التعاطف أنّ أفراد هذه «العائلة المزيفة» من اللاجئين التاميل تزداد معاناتهم حين يحطّون رحالهم في أحد أحياء الضواحي الباريسية. تعثر لهم جمعيات العناية باللاجئين على وظيفة كحراس في إحدى العمارات. فإذا بهم يجدون أنفسهم تحت سطوة عصابات المخدرات المهيمنة على الحي، التي تحوّل حياتهم الى جحيم يجعلهم يحنون الى حياتهم السابقة في سريلانكا!
النظرة القاتمة التي سلطها أوديار على واقع أحياء الضواحي، أثار امتعاض كثيرين من النقاد والصحافيين الفرنسيين الحاضرين في «مهرجان كان»، ممن أزعجتهم رؤية وجه فرنسا القبيح في مرآة هذا الفيلم، بخاصة أنّ «العائلة التاميلية» تجد في النهاية ملاذاً آمناً لها في الجارة اللدود بريطانيا. لكن كل هذه الانتقادات لم تستطع الانتقاص من قيمة الفيلم الفنية والفكرية.
وكما هي الحال مع كل عمل جديد لأوديار، من نافل القول الإشارة إلى أنه تقدم بأشواط على كل من دخلوا ، حلبة السباق نحو «السعفة الذهبية»
جاك أوديار هو أحد المخرجين الحائزين على عدد كبير من الجوائز في السينما الفرنسية. بعد بداياته عام 1994 في أسبوع النقد مع فيلم Regarde les hommes tomber، حاز عام 1996 على جائزة أفضل سيناريو عن فيلم Un héros très discret. ثم حصد الجائزة الكبرى في المهرجان عام 2009 عن فيلم نبي Un Prophète وعاد إلى الكروازيت عام 2012 مع فيلم صدأ وعظامDe Rouille et d’Os الذي جمع ماريون كوتيار وماتياس شوينارتز.
ديفان هو محارب تاميل، نمر يدافع عن استقلال التاميل في سريلاتكا. يقرر الهرب من بلاده التي يسودها العنف والانهزام من خلال الفرار مع امرأة ليست امرأته وطفلة لسيت طفلته إلى باريس على أمل بناء حياة أفضل. في العاصمة الفرنسية، ينتقلون من دار استقبال إلى آخر … إلى أن يصبح ديفان حارس بناية سكن. لكن رداءة وضعه وبيته تجربه على الكفاح أكثر فأكثر لتحقيق الحياة الجديدة التي يحلم بها.
لتنفيذ هذا الفيلم، لجأ أوديار إلى ممثلين تاميل من غير المحترفين : أنطونيتازان جيزوتازان كاتب وكاليازواري سرينيفازان التي عملت في المسرح. وحدهما فينسان روتييه ومارك زينغا هما الممثلان المحترفان في الفيلم. استمد سيناريو الفيلم إلهامه من رواية رسائل فارسية لمونتسكيو التي كتبها عام 1721. في هذه الرواية الشهيرة للفيلسوف، يسافر صديقان إلى باريس ويخبران رؤيتهما للعاصمة في القرن الثامن عشر. إن جاك أوديار الذي استمد وحيه من
مونتسكيو، يهتم بالنظرة التي يلقيها أي أجنبي على بلده.
ها هو يطرق هذه السنة، بفيلمه Dheepan، موضوعاً مغايراً تماماً. اختار إسناد الأدوار الرئيسية فيه الى ممثلين غير محترفين اختارهم من بين اللاجئين التاميل في باريس، مجازفاً بتصوير عمله هذا كاملاً باللغة السريلانكية.
لكن أوديار ــ كعادته ـــ راوغ الذين توقعوا منه أن يقدّم ميلودراما تتماشى مع موجة التعاطف الغربية (الكاذبة) مع مآسي المئات من اللاجئين والمهاجرين السريين الذي يقضون في حوادث قوارب الموت في عرض المتوسط. منذ البداية، يكشف الفيلم ـــ من دون مواربة ـــ أنّ بطله «ديبان» يسطو على أوراق الهوية الخاصة بعائلة من المرشحين للهجرة، ماتوا في حادث قبل ستة أشهر. ثم يفتش بين جموع المرشحين للهجرة عن امرأة وفتاة في الثامنة يصطحبهما معه على المركب الذي يسافر على متنه الى فرنسا، لتسهيل حصول الثلاثة على اللجوء السياسي، بحجة أنّهم زوجة وزوج وابنتهما هاربون من مجازر الاقتتال العرقي في بلادهم.
بذلك، أراد المخرج كسر الصورة المثالية للتعاطف الميلودرامي المبالغ فيه مع اللاجئين، بوصفهم ضحايا أبرياء في المطلق، ليبرهن بأنهم ليسوا ملائكة، بل بشر من لحم ودم، يناضلون لإيجاد مكان تحت الشمس، حتى لو تطلّب ذلك منهم التزوير والكذب والاحتيال. واذا بذلك كلّه لا ينتقص من تعاطف المشاهد معهم، حيال المعاناة الانسانية الناجمة عن هربهم من أتون الحروب الأهلية. وما زاد من هذا التعاطف أنّ أفراد هذه «العائلة المزيفة» من اللاجئين التاميل تزداد معاناتهم حين يحطّون رحالهم في أحد أحياء الضواحي الباريسية. تعثر لهم جمعيات العناية باللاجئين على وظيفة كحراس في إحدى العمارات. فإذا بهم يجدون أنفسهم تحت سطوة عصابات المخدرات المهيمنة على الحي، التي تحوّل حياتهم الى جحيم يجعلهم يحنون الى حياتهم السابقة في سريلانكا!
النظرة القاتمة التي سلطها أوديار على واقع أحياء الضواحي، أثار امتعاض كثيرين من النقاد والصحافيين الفرنسيين الحاضرين في «مهرجان كان»، ممن أزعجتهم رؤية وجه فرنسا القبيح في مرآة هذا الفيلم، بخاصة أنّ «العائلة التاميلية» تجد في النهاية ملاذاً آمناً لها في الجارة اللدود بريطانيا. لكن كل هذه الانتقادات لم تستطع الانتقاص من قيمة الفيلم الفنية والفكرية.
وكما هي الحال مع كل عمل جديد لأوديار، من نافل القول الإشارة إلى أنه تقدم بأشواط على كل من دخلوا ، حلبة السباق نحو «السعفة الذهبية»
جاك أوديار هو أحد المخرجين الحائزين على عدد كبير من الجوائز في السينما الفرنسية. بعد بداياته عام 1994 في أسبوع النقد مع فيلم Regarde les hommes tomber، حاز عام 1996 على جائزة أفضل سيناريو عن فيلم Un héros très discret. ثم حصد الجائزة الكبرى في المهرجان عام 2009 عن فيلم نبي Un Prophète وعاد إلى الكروازيت عام 2012 مع فيلم صدأ وعظامDe Rouille et d’Os الذي جمع ماريون كوتيار وماتياس شوينارتز.
كتب: منير فلاح