بسم الله الرحمان الرحيم
سيدي رئيس مجلس نواب الشعب،
سيدي رئيس الحكومة،
أيّها الحضور الكريم،
يتزامن بيان الحكومة بمناسبة مرور مئة يوم على تسلمها لمهامها مع تصاعد الاحتجاجات الاجتماعية التي تعتبر نتيجة طبيعية لانسداد الأفق أمام الشعب التونسي و يأسه من إمكانية تحسين أوضاعه الاجتماعية و حل مشاكله اليومية. و تقف الحكومة عاجزة أمام هذا الوضع الاجتماعي المتأزم نتيجة للأزمة الاقتصادية المتفاقمة، ليس لأنها لا ترغب في معالجة هذه الأزمة، بل لأنها لا تملك ما تعطيه مثلها مثل كل الحكومات السابقة لأن الخيارات الاقتصادية و السياسات التي اتبعتها حكومتكم هي ذاتها التي اعتمدها أسلافكم. المتغيّر فقط هي إجراءات متناثرة هنا و هناك تحفظ اوكسيجين الحياة لهذه الحكومة. أما الثابت فهي الخيارات السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية المنحازة للطبقات المتحكمة في المال والاقتصاد بحكم طبيعة الإتلاف الحاكم الذي يقف وراء حكومتكم و الذي لن يجرأ على المس من النظام الضريبي القائم على إثقال كاهل الشغالين دون أصحاب الأعمال و الذي لن يجرأ على اتخاذ القرارات الوطنية حول المديونية و الذي لن يجرأ على حسن توظيف و استغلال عائدات الشركات المصادرة و الذي لن يجرأ على اتخاذ قرارات وطنية ضد رجال الأعمال الفاسدين، و لن يجرأ على فتح ملفّ الطاقة بشفافية و كذلك محاربة الفساد و التهريب، ناهيك أنه لن يجرأ على التعاطي الشجاع مع ملف الاغتيالات السياسية خصوصا في ظل التحالف الحكومي الحالي.
سيدي رئيس الحكومة،
وحدها القرارات غير الكلاسيكية هي القادرة على تعبئة ما تحتاجه ميزانية الدولة من موارد لمواجهة الأزمة الاقتصادية و الوضع الاجتماعي الذي بات ينذر بالخطر، دون ذلك فلن تقدر حكومتكم أو أي حكومة أخرى من بعدكم –بهكذا خيارات- أن تخرج البلاد من أزمتها المعقّدة التي تنذر بكثير من المخاطر خاصّة في ظل وضع إقليمي حرج جدا و تحديدا الوضع في ليبيا الذي نعتقد أنه لا الحكومة و لا الرئاسة تعاطت بجدية مع الملف الليبي كأن داعش ليست على حدودنا.
لقد باتت داعش قريبة منا بعد أن تمددت في أجزاء كبيرة من ليبيا الشاسعة و بعد أن أحكمت سيطرتها على العديد من المدن و المطارات و آبار النفط و الموانئ… و لا يجب أن ننسى جميعا ما حدث في الموصل و صلاح الدين و الأنبار و الرّقة و تدمر و غيرها، كيف انهارت المحافظات السورية و العراقية في زمن قياسي أمام هذا التنظيم الإرهابي في مواجهة الجيش العربي السوري رغم القوة و الدّربة و الجيش العراقي المدعوم من العشائر و من قوات المار ينز أيضا.
إننا ندقّ نواقيس الخطر قبل فوات الأوان-لا قدّر الله- لأن تبسيط هذا الخطر القادم من الشرق نراه استخفافا بالتونسيين. لذلك ندعو إلى اتخاذ كل ما ينبغي من إجراءات و تدابير تنسيقية مع الإخوة في الجزائر و مصر لصد كل محاولة لدواعش الداخل و دواعش الخارج للنيل من أمن التونسيين و استقرارهم و أن يكون هذا الملف نقطة دائمة و قارة على جدول أعمال الحكومة ومحل متابعة وطنيا و إقليميا.
ختاما سيدي رئيس الحكومة، لقد سالت في هذه البلاد التي تحكمونها دماء زكية بغير وجه حق.
– دم شكري بلعيد ودم محمد براهمي في عنق من؟
– ماذا فعلتم في من حرّض ضدهم كمعارضين للترويكا الحاكمة آنذاك؟
– ماذا فعلتم مع الجهات التي أدخلت الدعاة الدواعش إلى بلادنا فغسلوا أدمغة أبنائنا و أرسلوهم إلى للقتل و التدمير بعد أن تبنوا الفكر التكفيري الإرهابي؟
– ماذا فعلتم مع من تواطأ و تغاضى على انتشار معسكرات التدريب و على إدخال السلاح إلى البلاد؟
– ماذا فعلتم في الوثيقة المسربة من الداخلية حول تحذير المخابرات الأمريكية من اغتيال الشهيد محمد براهمي؟
– أين البحث في الوثيقة الذي فتحه وزير الداخلية السابق؟
– من أخفى الوثيقة و مع من ينسّق؟
إن كنتم تعلمون فأخبروا و إن كنتم لا تعلمون فيا خيبة التونسيين فيكم.
دمه في أعناقكم كما في أعناق من سبقوكم و ذكراه فينا مقاومة من أجل الحرية و الديمقراطية والعدالة الاجتماعية.