رفضت الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري تدخل المجلس الإسلامي الأعلى في برنامج الإذاعة الوطنية والمتمثل في موقفه من أقوال يوسف الصديق في برنامج “عيال الله” والذي قال عنها أنها تمثل تحريفا متعمدا لمعاني القرآن الكريم والسنّة النبوي، وشببه بالكاتب الإيراني سلمان رشدي صاحب كتاب آيات شيطانية.
وفي التالي نص البيان
“تلقت الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري نسخة من مراسلة وجهها رئيس المجلس الإسلامي الأعلى للجمهورية التونسية إلى الرئيس المدير العام للإذاعة التونسية بتاريخ 26 جوان 2015، عبّر من خلالها عن موقف من محتوى برنامج للمفكر يوسف الصديق يتناول من خلاله مسائل حضارية وتاريخية ودينية. وقد تضمنت هذه المراسلة تقييما مبنيا على قناعات مفادها أن المفكر يوسف الصديق يمارس “تحريفا متعمدا لمعاني القرآن الكريم والسنّة النبوية” كما أشارت المراسلة الى أن هذا “النوع من الدسّ والتحريف لمعاني القرآن الكريم” يُذكَّر بممارسات سابقة سلكها آخرون مثل سلمان رشدي الإيراني ومحمد أركون الجزائري وأعتبر ان مثل هذه البرامج “هدمية للأمن الثقافي والعقدي” وفي نهاية المراسلة عرض رئيس المجلس الإسلامي الأعلى على مؤسسة الاذاعة امكانية تشريك اعضاء المجلس الاسلامي في اعداد البرامج الثقافية والدينية.
ان الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري تعبّر عن استنكارها لهذا التدخل الواضح في عمل الإذاعة التونسية والمسّ من استقلاليتها وذلك للأسباب التالية:
أولا: ان الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري هي مرجع النظر الاساسي فيما يتعلق بتعديل المضامين الاعلامية واذا كان ثمة ملاحظات فانه من الأحرى التوجه بها إلى الهيئة.
ثانيا: ان المؤسسة الاعلامية العمومية تتمتع باستقلالية تامة في تحديد برامجها و طرق تناول مضامينها و تتم مساءلتها من خلال القواعد المهنية و الأخلاقية المتعارف عليها و من غير المسموح اصدار تعليمات من اي جهة كانت حتى ولو وردت في شكل نصائح .
ثالثا: ترفض الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي و البصري أسلوب الترهيب الفكري الذي طبع مراسلة المجلس الاسلامي الأعلى حيث تم ذكر اسم المفكر يوسف الصديق في سياق الحديث عن «محرفي معاني القران الكريم” كما تم ادراج اسمه في دائرة اسماء سبق ان هدر دمها من قبل متطرفين و رصدت جوائز مالية لتصفيتهم .
رابعا : تلفت الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري انتباه رئاسة الحكومة لخطورة مثل هذه المواقف الصادرة عن مؤسسة تعود لها بالنظر حيث تضمنت المراسلة تحريضا صريحا ضد المفكر يوسف الصديق وهو ما قد يعرض حياته للخطر في ظل ظروف امنية حرجة.
تعبر الهيئة عن مساندتها لمؤسسة الاذاعة التونسية وتدعوها الى مزيد التمسك باستقلاليتها في صياغة برامجها وحريتها في اختيار المتعاونين معها طالما تم ذلك وفق معايير واضحة وشفافة ومسؤولة في كنف احترام مستلزمات المهنة من قواعد وأخلاقيات.
كما يؤكد مجلس الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري عن تضامنه المطلق مع المفكرين والمثقفين التونسيين وضرورة الاعتراف بدورهم المحوري في ترسيخ مبادئ الفكر النقدي ومقارعة الخطابات المتطرفة الساعية إلى احتكار سلطة التأويل” .