نضالنا مستمر دفاعا عن المساواة و الحريات و العدالة الاجتماعية
تمرّ اليوم اثنتان و ستون سنة على صدور مجلة الأحوال الشخصية (13أوت 1956) التونسية التي جاءت في ظرفية تاريخية، جعلت منها حدثا بارزا كان له كبير الأثر في واقع المرأة التونسية والأسرة والمجتمع عامة. و ترد هذه الذكرى اليوم في ظرف تاريخي حساس تمر به البلاد مما يستدعي إعادة النظر في التشريعات والقوانين، خاصة تلك التي لها انعكاس مباشر على واقع المرأة التونسية، وجعلها قادرة على استيعاب التحولات التي مرت بها البلاد منذ ثورة 17 ديسمبر 2010-14 جانفي 2011.
1ـ إن “منظمة مساواة” وهي تُثمّن الجوانب الإيجابية الواردة في مجلة الأحوال الشخصية وتؤكّد أنها كانت ثمرة نضالات عدد من رواد الفكر الإصلاحي في تونس، في مقدمتهم الطاهر الحداد. كما كانت وليدة مخاض فكري واجتماعي شامل عرفته بلادنا ومجتمعنا، فإنها تشير إلى أن هذه المجلة ظلّت تحمل في طياتها جملة من النقائص الجوهرية التي تعكس تمييزا بين الرجل والمرأة داخل الأسرة وفي المجتمع، وهو ما لم يعد يتلاءم مع مكتسبات دستور 2014 ومع القوانين والمعاهدات الدولية التي صادقت عليها تونس.
2ـ إن كل هذا يجعل اليوم من مراجعة مجلة الأحوال الشخصية وغيرها من التشريعات المتعلقة بالمرأة مراجعة شاملة ودقيقة أمرا حتميا باعتباره تتويجا لمسار طويل خاضته نساء تونس منذ خروج الاستعمار المباشر إلى حدّ اليوم، دفاعا عن حقوقهن ومكتسباتهن ،و باعتبار أن النضال من أجل ضمان حقوق النساء و حمايتها يمثّل جزء لا يتجزأ من المسألة الديمقراطية و من المسار الثوري الذي علينا استكماله دون غضّ النظر عن كون المساواة القانونية، على أهميتها، لا تكفي وحدها لتحقيق التحرّر الفعلي لجماهير النساء في بلادنا وفي مجتمعنا.
3ـ إن منظمة مساواة تؤكد أن لا سبيل لتحرير المرأة في ظل مجتمع ما يزال مكبلا بكل أشكال الاستغلال و الاضطهاد الاجتماعي والاقتصادي والسياسي . إن تحرر جماهير النساء في مدننا وأريافنا مرتبط جذريا بتحرر الشعب ككل من الهيمنة الاستعمارية الجديدة والاستغلال والفساد والفقر والتهميش والإرهاب. إن النضال اليوم في سبيل تحرر المرأة وانعتاقها وتحقيق المساواة التامة والفعلية في المجتمع لا يكون بمعزل عن النضال من أجل القضاء على الاستغلال الوحشي والفقر والبطالة والعمل الهش وفقدان المأوى والانقطاع عن الدراسة وتدهور الخدمات العمومية (الصحة، التعليم…) وغيرها من المظاهر التي تظل المرأة ضحيتها الأولى، وهو ما يفسر الارتباط القوي بين الحقوق المدنية والسياسية للمرأة وبين حقوقها الاقتصادية والاجتماعية.
4- إن منظمة مساواة ، إذ تدرك الأهمية القصوى لمسألة الحريات الفردية والمساواة التي ناضل من أجلها أجيال من النساء والرجال وتعتبر أنها مسألة لا تقبل التجزئة أو التأجيل، فإنّها تعتبر أن هذه المسألة لا يجب أن تبقى رهينة التوظيف السياسي والاستغلال “الانتخابوي” المهين لكرامة المرأة ولقضيتها. لقد مرّت سنة على خطاب رئيس الدولة عن حقوق المرأة وعن قضية المساواة في الإرث وبقيت وعوده حبرا على ورق، عدا التقرير الذي تقدمت به أخيرا “لجنة الحريات الفردية والمساواة” والذي لا يعرف أحد مصيره أمام تراخي الرئاسة، التي أذنت بإنجازه، في الدفاع عن محتوياته أمام هجمة القوى الظلامية والرجعية، بمن فيها حركة النهضة، حليفة قايد السبسي في الحكم.
5ـ وفي هذا السياق ، فإن منظمة “مساواة” تعتبر أن “تقرير لجنة الحريات الفردية والمساواة”، على ما فيه من نقائص وهنات، يمثل وثيقة مهمة للنقاش والتطوير. كما تعتبر أن الدفاع عن الحريات الفردية و المساواة وتحويلها إلى ممارسة مجتمعية مهمة تاريخية ماتزال ملقاة على عاتق الثوريين و التقدميين في بلادنا الذين يطرح عليهم وضع كل القوى التي تناور وتزايد أو تتخفّى وراء شعار الهوية لرفض المساواة والحريات الفردية، على محكّ هذه القضية التي يرتبط بنتيجتها إن كان مجتمعنا سيحسم أمره مع مخلفات عصور الانحطاط أم سيلج نهائيا عالم المدنية.
6ـ ومن هذا المنطلق فإن منظمة مساواة إذ تؤكد مجددا انتصارها المبدئي للحرية والمساواة والعدالة والكرامة البشرية فإنها تدعو إلى التزام اليقظة حيال كل المشاريع المعادية لهذه القيم وتندد بحملات التشويه والتكفير ودعاوي العنف التي يقودها أنصار الرجعية والظلامية ضد الحريات والمساواة واللجنة وتقريرها والمساندين له وتطالب السلطتين التشريعية والتنفيذية بتحمل مسؤوليتهما في التصدي لهذه الحملات وتجريمها وضمان احترام الحق الدستوري للمواطنين، نساء ورجالا، في التمتع بكافة حرياتهم وحقوقهم والحفاظ على مدنية الدولة وركائز الرقي الحضاري و الإنساني.
7ـ إن منظمة مساواة وأمام ما تمر به بلادنا اليوم من أزمة سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية شاملة وعميقة تلقي بثقلها على المجتمع بأسره وخاصة على النساء، ويتحمل مسؤوليتها بالكامل الائتلاف اليميني الحاكم، تدعو كل القوى الحية الثورية والتقدمية والديمقراطية ، وكل أصحاب الفكر الحر نساء ورجالا إلى تكثيف النضال من أجل :
– تفعيل مبدأ المساواة التامة والفعلية بين المواطنات والمواطنين دون قيد أو شرط واحترام الدستور والمعاهدات الدولية والمبادئ الكونية وتدعو منظمة المساواة نساء تونس إلى الوقوف صفا واحدا لتحرير أنفسهن وتقرير مصيرهن والدفاع عن مكتسباتهن التاريخية وتطويرها.
– مراجعة مجلة الأحوال الشخصية وكل القوانين التمييزية ووضع” تقرير لجنة الحريات الفردية و المساواة” على طاولة نقاش جدي و بناء والإسراع بالحسم في قضية المساواة في الإرث بما يتماشى و مبدأ المساواة التامة.
– مقاومة آفة البطالة وكل أشكال العمل الهش والدفاع عن الحق في العمل والسكن اللائقين وعن عمومية الصحة و التعليم ومجانيتهما و رقييهما.
-ضمان حقوق النساء و كل المواطنين الاقتصادية والاجتماعية والمدنية والسياسية والثقافية بعيدا عن الصراعات الوهمية حول الهوية والدين التي يحاول المد الظلامي فرضها وعن الإتجار السياسي بقضية المرأة واستغلالها لأغراض سياسوية، انتخابوية ضيقة.
– وقف الخيارات السياسية والاقتصادية المرتهنة للقرار الاجنبي ولدوائر الامبريالية العالمية ومن أجل تغيير شامل في المنوال الاقتصادي يؤسس للعدالة الاجتماعية والمساواة التامة والفعلية والحرية و يحفظ كرامة المواطنين نساء ورجالا.
كما توكد منظمة مساواة تبنيها ودفاعها عن كل قضايا الحرية والمساواة والعدالة الاجتماعية وطنيا وإقليميا ودوليا ومساندتها لكل نساء العالم وشعوبه التواقة للحرية والمساواة من أجل مقاومة واقع الحروب والاستغلال والاضطهاد والتأسيس لغد انساني أفضل.
عن منظمة مساواة
المكتب الوطني