يُحيي العمال والكادحون وكل التقدميين في تونس والعالم في غرة ماي، عيد العمال العالمي الذي أقرته الحركة العمالية والاشتراكية منذ ما يزيد عن القرن يوما للتقييم وإعداد العدة لتنظيم النضال وتصعيده دفاعا عن حقوق القوى العاملة التي تتعرض للانتهاك من رأس المال ودولته. ويتم إحياء ذكرى هذا العام في ظروف استثنائية جدا بحكم استفحال وباء الكوفيد 19 في كل العالم ليحصد حياة ملايين البشر من الكادحين والمفقرين والمهمشين وضعفاء الحال من ضحايا وحشية رأس المال الذين تحرمهم ظروفهم المادية من الوقاية والعلاج. وفيما تتقدم بلدان العالم الغنية، محتكرة التلاقيح ووسائل العلاج، في محاصرة الوباء، فان البلدان التابعة والمفقرة لازالت دون ما يتطلبه الوضع الدقيق لذلك ترتفع أعداد المصابين والأموات مثلما هو الحال في بلادنا التي تكرس فيها منظومة الحكم سياسة “اللي يعيش يعيش، واللي يموت يموت”.
ويتزامن اتساع الوباء مع تدهور مريع للأوضاع الاجتماعية للعمال والكادحين وعموم الشعب. فعلى وقع الوباء تم تسريح أعداد غفيرة من العمال في قطاعات مختلفة مثل السياحة والقطاعات المرتبطة بها، فيما أغلقت عديد المؤسسات الصناعية بما فيها الصغرى والمتوسطة التي أعلنت الإفلاس ليجد آلاف العمال أنفسهم على قارعة الطريق يحاصرهم الكوفيد من جهة والفقر والاحتياج من جهة أخرى. يضاف إلى ذلك الانحياز الفاضح لإجراءات الدولة لصالح كبار الرأسماليين والأثرياء بمناسبة الجائحة. في الآن ذاته ترتفع الأسعار بصفة غير مسبوقة وتتدهور المعيشة ويتسع نطاق الفقر والإملاق الذي مسّ فئات عديدة من المجتمع. وليست هذه الأوضاع الاجتماعية سوى انعكاسا منطقيا لمواصلة السير في نفس الخيارات الاقتصادية التي عمقت التبعية والتفقير والفساد، وهي نفس خيارات النظام المخلوع الذي ثار ضده الشعب. وهاهي حكومة المشيشي/الغنوشي تدخل فصلا جديدا من الإذعان لسطوة صندوق النقد الدولي والبنك العالمي من خلال وضع البلاد تحت “الحجر” الاقتصادي والمالي لمراقبة تنفيذ تعهدات العمالة وبيع البلاد ورهن قرارها مقابل دفعة جديدة من الديون يوجه أغلبها لسداد أقساط الديون السابقة وفوائدها. ومن المعلوم أن من بين تعهدات الحكومة رفع الدعم عن المواد الأساسية والتخفيض في الأجور وغلق باب الانتدابات في القطاع العام والتفويت في المنشآت العامة للخواص بمن فيهم الأجانب وهو ما سيفاقم معاناة العمال والكادحين والشعب عامة.
إنّ هذه الأوضاع الاجتماعية المدمرة تتداخل مع أزمة سياسية غير مسبوقة بلغت اليوم مرحلة كسر العظام بين أقطاب الحكم في إطار صراع الصلاحيات الذي انكشف بالكامل خطره على حاضر تونس ومستقبلها.
إن حزب العمال إذ يُحيي ذكرى غرة ماي، وإذ يجدد انحيازه الكامل للطبقة العاملة صانعة الثروة وصانعة مستقبل البشرية على أنقاض نظام الاستغلال الرأسمالي الذي يهيمن على العالم، فإنه:
ـ يحيّي الطبقة العاملة في عيدها العالمي ويجدد انخراطه الكامل في نضالها المشروع من أجل عالم جديد خال من التفاوت الطبقي ومن الاستغلال والاغتراب.
ـ يجدد رفضه السياسات الاقتصادية والاجتماعية المتبعة من منظومة ما بعد 14 جانفي بقيادة حركة النهضة والتي حافظت على جوهر سياسات بن علي التي لم تكرس غير التبعية والتفقير والتهميش والفساد.
ـ يتوجّه إلى العمال والكادحين وعموم الشعب بدعوتهم إلى توحيد الجهد وتنظيم الصفوف والتصدي للسياسات الرأسمالية المتوحشة من أجل:
* فرض تجميد سداد الديون وخدماتها وفرض “ضريبة الكورونا”على أصحاب المؤسسات و الثروات الكبرى والإبقاء على مرابيح الشركات والمؤسسات الناشطة ببلادنا وعدم تحويلها إلى الخارج، وإعلان الحرب على المحتكرين والمهربين والمتهربين من دفع الضرائب.
*التصدي الشعبي الواسع لإلغاء صندوق الدعم وتحرير الأسعار وتجميد الأجور وتسريح الأجراء وخوصصة ما بقي من مؤسسات عمومية .
*توفير التلاقيح في أسرع وقت لعموم المواطنات والمواطنين وإعلان التسخير الكامل للقطاع الصحي الخاص وتمكين الشعب من مقومات الوقاية والعلاج وإعلان الحجر الصحي الشامل لمدة تمكن من كسر حلقة العدوى مع إرفاق ذلك بإجراءات اجتماعية عاجلة.
*اتخاذ إجراءات اجتماعية عاجلة للعمال المسرحين وكل الفئات المتضررة.
* فضح الصراع الرجعي على الصلاحيات والنفوذ بين مكونات منظومة الحكم العاجزة والفاشلة والتصدي لكافة الانتهاكات التي تطال الحريات الفردية والعامة وفي مقدمتها حرية التعبير والإعلام..
– يدعو العمال و الكادحين وعموم الشعب التونسي و كل القوى التقدمية السياسية والاجتماعية والمدنية لتوحيد الجهود للدفاع عن حقوق الشعب الكادح الأساسية التي تتعرض للتصفية، ومقاومة السّياسات والوصفات النيوليبرالية وتعبيراتها الظلامية والشّعبوية التي تريد تحميل أزماتها العميقة للطبقة العاملة والشعب والوطن.
-يجدد مساندته لنضال العمال في كل أصقاع العالم ضد الاستغلال والاضطهاد ومن أجل الاشتراكية باعتبارها الحلّ الجذري لمعضلات عصرنا على مختلف الأصعدة، ويتوجه بالتحية للعمال والشعوب التي تعاني الاحتلال وعلى رأسها الشعب الفلسطيني الذي يصارع الصهيونية من أجل تحرير كامل أرض فلسطين وتحقيق الاستقلال الكامل وبناء الدولة الديمقراطية العلمانية وعاصمتها القدس.
المجد للطبقة العاملة، والنصر لنضالها.
لا للاستغلال والاضطهاد، المستقبل للاشتراكية.
حزب العمال
تونس في 01 ماي2021