جيلاني الهمامي
صادق، اليوم الاثنين 13 نوفمبر 2023، مجلس النواب الليبي بالإجماع على قانون تجريم التعامل مع الكيان الصهيوني. ما تم التصويت عليه بالضبط هو مجموعة من الفصول تمت إضافتها إلى قانون قديم يعود إلى سنة 1957 (القانون 62 لسنة 1957). وقد تم التصويت على هذه الإضافات بالإجماع. وللتذكير فإنّ البرلمان الليبي كان طالب يوم الأربعاء 25 أكتوبر الماضي سفراء الدول الداعمة للكيان الصهيوني بمغادرة ليبيا فورا بل أكثر من ذلك هدّد بالعمل من أجل أن توقف الحكومة الليبية تصدير البترول والغاز إلى هذه الدول، وهي الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا وفرنسا وإيطاليا، في صورة ما إذا استمر الكيان الصهيوني في حربه على غزة.
وفي لمحة عن تاريخ قوانين تجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني تجدر الإشارة إلى أنّ من بين الأوائل ممّن تبنوا قوانين مناهضة التطبيع هم البرلمان اللبناني سنة 1955 والبرلمان السوري سنة 1963 والقانون الصادر عن البرلمان العراقي سنة 1969.
وكان المجلس التأسيسي التونسي في مقدمة البرلمانات وهيئات الحكم العربية، إثر موجة الانتفاضات الشعبية في ما سُمّي بـ”الربيع العربي”، أوّل من رفع شعار دسترة تجريم التطبيع غير أنّ الترويكا (حكومة النهضة وحلفاءها) عملوا كل ما في وسعهم للحيلولة دون تخصيص فصل في الدستور في هذا المعنى رغم أنهم أذعنوا تحت الضغط إلى التنصيص عن الموقف بشكل عام وغائم في توطئة دستور جانفي 2014. كما تصدت النهضة بمعية حليفها الجديد “حزب نداء تونس”، اللذين كانا يمثلان أغلبية برلمانية قوية، إلى عرض مشروع القانون الذي تقدمت به كتلة الجبهة الشعبية ومنعت مناقشته والتصويت عليه.
وخُيّل للجميع أنّ قيس سعيد الذي رفع شعار “التطبيع خيانة عظمى” في حملته الانتخابية أنه لن يتوانى عن حثّ البرلمان، وخاصة البرلمان الحالي الذي يتحكم فيه بكل أريحية باعتباره صنيعته، على المصادقة على قانون يجرّم التطبيع مع الكيان الصهيوني.
وكانت الصدمة بالنسبة إلى البعض، فيما لم تفاجئنا في حزب العمال، حين اضطرّ رئيس البرلمان الصوري الحالي إلى التصريح بالقول إنّ الرئيس قيس سعيد أمره بمنع تمرير قانون تجريم التطبيع لأنه “سيضرّ بالأمن القومي التونسي وبمصالح البلاد”. واتضح أنّ شعار “التطبيع خيانة عظمى” هو مجرد شعار انتخابي كما أكد ذلك رئيس البرلمان في التصريح المشار إليه.
إنها الكذبة الكبرى التي استوجبتها الحملة الانتخابية. فمن أجل الفوز بكرسي الحكم لا ضير في الكذب كما أنه ومن أجل المكوث في الكرسي سيكون كل شيء جائزا ومتاحا بما في ذلك التطبيع مع الكيان الصهيوني والتفريط في “استقلال القرار الوطني” إن وجد قرار وطني مستقل أصلا.
لقد نجح البرلمان الليبي فيما فشل فيه “البرلمان التونسي” الصوري.