نناشد وندعو جماهيرنا العربية في كلّ العواصم العربية أن تصعّد من تحرّكاتها الشعبية وأن ترفع العلم الفلسطيني فوق أسطح منازلها وأن ترسم لوحات جدارية بأسماء الشهداء
انتصارا للشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة أمام غطرسة الصهيونية المدعومة من الإمبريالية الأمريكية، تواصل “صوت الشعب” تغطية الأحداث من قطاع غزّة والضفة وجميع الأراضي المحتلّة، وبشكل حصري لهذا العدد أجرت حوارا مع الرفيق ماهر الطاهر مسؤول العلاقات الدولية في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين الذي وجّه التحيّة للشعب التونسي لدعمه لنضالات المقاومة وفصائلها وصمود الشعب الفلسطيني.
تعرف الحرب الصهيونية على فلسطين منعرجا جديدا عبر استهداف رفح، لو تشرح لنا هذا المنعرج وماهي أهداف الكيان الصهيوني بالضبط؟
لا شكّ أنّ العدوان الصهيوني المتواصل منذ أكثر من أربعة أشهر ونصف على قطاع غزّة قد أربك العدو الصهيوني بشكل عميق وهزّ أركان هذا الكيان المجرم بكلّ معنى الكلمة، وأصبح هناك قلق شديد على مستقبله نتيجة الصمود الأسطوري للشعب الفلسطيني لذلك فإن الحكومة الصهيونية وعلى رأسها المجرم نتانياهو تريد اقتحام رفح بهدف تهجير أهلنا في قطاع غزّة، وهذا هدف حقيقي لهذا الكيان المجرم لأنّه يريد التخلّص من سكّان القطاع. وهذا يذكّرنا بمقولة قد أطلقها قادة صهاينة حول أمنياتهم “بأن يستيقظوا في الصباح ويرونا القطاع قد ابتلعه البحر”.
إنّ ما يحدث مخطّط حقيقي في تهجير أهلنا في القطاع، وقد طرح هذا الأمر من الولايات المتحّدة الأمريكية مع الرئيس المصري ولكن مصر رفضت التهجير في اتجاه سناء، واليوم يفكّر العدوّ في اقتحام رفح وربّما تدمير المعبر وذلك لوضع السكّان أمام خيارين إمّا القتل والإبادة أو النزوح باتّجاه مصر، وهذا محتوى المنعرج الجديد في الحرب الصهيونية الغاشمة على الشعب الفلسطيني. ونحن نقول بكلّ وضوح بانّ شعبنا صامد وثابت على أرضه ولن ينجح العدوّ الصهيوني مهما اقترف من مجازر وحرب إبادة في تهجير أهلنا. أيضا هناك مخطّط آخر خطير وهو محاولة تهجير أهلنا في الضفّة تجاه الأردن، أيضا محاولة تهجير أهلنا في القدس وأهلنا من الأراضي المحتلة لعام 1948، ولذلك فمعركة رفح حساسة وخطيرة جدّا، ونحن نأمل من أمّتنا العربية ومن أحرار هذا العالم أن يقفوا بجانب الشعب الفلسطيني بكلّ الأشكال من أجل مواجهة هذا المخطّط الإجرامي.
يشارف العدوان على شهره الخامس، هل فشل فعلا العدوّ الصهيوني في تحقيق أهدافه؟
نقول وبكلّ ثقة بأنّ العدوّ الصهيوني قد فشل فشلا ذريعا في تحقيق أهدافه. لقد أعلن نتانياهو مؤخّرا أنّه إذا لم يقتحم رفح فإنّ هذا سيشكّل نصرا للمقاومة، إذن هو يعترف ضمنيا بأنّ كلّ ما فعله خلال الأربعة أشهر ونصف الماضية في شمال غزّة وخان يونس وفي الوسط لم يتمكّن من تحقيق أيّ من أهدافه، كما قال أنّه لن يفاوض المقاومة وأنّه سيطلق سراح أسراه بالقوّة وسيبيد المقاومة الفلسطينية، ولكنّه لم يتمكّن من تحقيق أيّ من هذه الأهداف. إنّ المقاومة لازلت متواصلة، وأقول بكلّ ثقة بأنّ 80 بالمائة من قوّة المقاومة و80 بالمائة من الأنفاق لازلت موجودة، وإنّ ادعاءات الكيان الصهيوني بأنّه دمّر القسم الأكبر من الأنفاق هي ادعاءات كاذبة وفارغة. وبالتالي فإنّ كلّ الأهداف التي طرحها نتانياهو وحكومته لم يتكّنوا من تحقيقها على الإطلاق، بل على العكس من ذلك، وقعت في صفوفهم خسائر كبيرة وما يعلنونه من حجم الخسائر لا يمثّل الحقيقة، بل هناك أضعاف الأرقام التي يعلنها العدو الصهيوني، لقد تمّ تدمير أكثر من ألف دبابة وآلية نقل الجنود وتمّ قتل الآلاف من الصهاينة وهناك الآلاف من الجرحى والمعاقين والمصابين بصدمات نفسية وبالتالي أستطيع القول بكلّ ثقة بأنّ العدو قد فشل في تحقيق أهدافه ولذلك يصرّ على استمرار المعركة وحرب الإبادة واجتياح رفح بغاية تحقيق صورة نصر ما يقدّمها للمستوطنين الصهاينة لأنّه يدرك تماما أنّ وقف هذه الحرب دون تحقيق أهدافه يعني نهايته ونهاية حكومته ودخوله للسجن باعتبار وجود 4 قضايا فساد تلاحقه، كما يعلم أنّ الصهاينة سيحاسبونه على ما حدث يوم 7 أكتوبر الماضي والخسائر التي مني بها العدوّ الصهيوني عندما تحوّل إلى قطاع غزة إثر الاجتياح البرّي.
بالتوازي مع العمل المسلّح، قامت فصائل المقاومة الخمسة بإصدار بيان / مبادرة حول الوضع الحالي وآفاقه، هل توضّحون محتوى المبادرة وكيفية تعاطيها مع بقية الطيف الفلسطيني؟
في الواقع، نحن في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وبعد معركة طوفان الأقصى وحرب الإبادة التي مارسها الكيان، دعونا وبادرنا لضرورة أن يكون هناك قيادة وطنية موحّدة للمقاومة من أجل خوض هذه المعركة وقيادتها عسكريا وسياسيا، واجرينا لقاءات مع كل الفصائل الفلسطينية في محاولة لبلورة رؤية مشتركة وتشكيل قيادة وطنية موحّدة، ومن خلال اتّصالاتنا مع جميع الفصائل الفلسطينية تمكنت خمسة فصائل وأيضا وافق على مشروع المبادرة الوطنية بقيادة الدكتور مصطفى البرغوثي، وبالتالي أصبحت هناك ستّة فصائل لديها رؤية مشتركة فيما يتعلّق بموضوع تشكيل قيادة وطنية موحّدة، والأفكار التي تمّ الاتّفاق عليها بعد أن قدّمنا نحن كجبهة شعبية لورقة عمل، فإنّ الأخوة في حركة حماس و بوجود الشهيد الكبير صالح العاروري-قبل استشهاده- تقدّمت أيضا بورقة تضمّنت العديد من النقاط. وعلى ضوء الحوارات التي جرت ضمن إطار الفصائل، تمّ بلورة ورقة اتفّقت بشأنها الفصائل الستّة للمقاومة. ومن أبرز نقاطها ضرورة التحرّك بتأمين حشد دولي من أجل وقف الحرب الإجرامية ضدّ شعبنا في قطاع غزّة والضفة الغربية، وثانيا التصدّي بقوّة لمشاريع تهجير أهلنا من القطاع إلى شمال سناء بفعل وفقا للمخطّط الصهيوني وذلك بعد أن حوّلوا قطاع غزّة إلى مكان غير صالح للحياة إضافة إلى محاولات تهجير شعبنا من الضفّة إلى الأردن. لقد تمّ التأكيد في الورقة على ضرورة التصدّي الحازم لكلّ هذه المخطّطات. امّا ثالثا، تمّ الاتّفاق على وقف الاعتداءات الإجرامية لقطعان المستوطنين في الضفّة وفي القدس. ورابعا تمّ الاتفاق على ضرورة تحرّك الدول العربية من أجل وضع معادلات تؤثّر على العدوّ الصهيوني واتّخاذ خطوات عملية. امّا النقطة الخامسة، تمّ الاتّفاق على عقد اجتماع للفصائل الفلسطينية بحضور الأمناء العامين لها وذلك للبحث في تشكيل مجلس وطني فلسطيني جديد وإجراء انتخابات وطنية للمجلس الوطني وأيضا تشكيل قيادة موحدة وإعادة الاعتبار لمنظّمة التحرير الفلسطينية وإعادة بنائها ومشاركة كلّ القوى الوطنية والإسلامية ضمنها. كما تمّ الاتفاق في النقطة السادسة على التمسّك بعملية تبادل الأسرى على قاعدة إطلاق أسرانا الصامدين في سجون الاحتلال وإعادة إعمار قطاع غزّة، أمّا سابعا فقد اتّفق على إعادة الإعمار وتوفير أوسع دعم دولي، وثامنا فتح المعابر خاصة معبر رفح وإدخال المساعدات والإغاثة والأدوية دون قيد أو شرط إضافة إلى رفض وإسقاط كلّ محاولات لتجريم المقاومة أو أيّ من فصائلها والتصدّي لمحاولات وصفها بـ”الإرهاب”، فالمقاومة الفلسطينية هي حركة تحرّر وطني.
ومن خلال هذه النقاط التي تمّ التوافق عليها من الفصائل الستة، سنستمرّ في مساعينا في إطار الطيف الفلسطيني ولن تتوقف اتّصالاتنا وسنستمرّ في جهودنا من أجل بلورة رؤية فلسطينية شاملة، وبدعوة من روسيا أواخر هذا الشهر سنعقد حوارا ونأمل أنّ نتوصل إلى وضع جديد نبلور من خلاله رؤية شاملة نستعيد من خلاله الوحدة الوطنية الفلسطينية على أساس برنامج كفاحي مقاوم وعلى أساس إسقاط الرهانات بخصوص حلول سياسية فاشلة بعد اتفاقية أوسلو والسنوات الأخيرة.
تشارك الجبهة في العمل المسلّح على غرار بقية الفصائل المسلحة، كيف تفسرون تراجع الغرفة المشتركة على حساب الأنشطة الخاصة والثنائية؟
في الواقع، نحن في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين حذّرنا منذ بداية طوفان الأقصى بأنّ العدوّ الصهيوني والولايات المتحّدة الأمريكية يحالون تصوير بأنّ المعركة بين الكيان الصهيوني وحماس، وقد تحدّثنا في هذا الأمر مع والأخوة في حركة حماس والفصائل، وقلنا بأنّه لا بدّ أن تكون المعركة بين الشعب الفلسطيني بأسره وفصائل المقاومة والكيان الصهيوني. لكن هناك مخطّط إسرائيلي أمريكي وعن قصد يريد تصوير بأنّ المعركة فقط مع حركة حماس وهذا الأمر له أهداف خبيثة. إنّ حقيقة الأمر أنّ هذه المعركة يخوضها الشعب الفلسطيني أساسا بصموده الأسطوري وتخوضها كلّ فصائل المقاومة. ولذلك هناك تنسيق ميداني بين الأطراف الفلسطينية في الميدان وكلّ فصائل المقاومة تشارك في هذه المعركة كلّ حسب إمكانياته وقدراته والجميع دون استثناء يشارك في المعركة التاريخية خصوصا شعبنا البطل بكلّ فئاته ومكوّناته الذي سطر هذه الملحمة التاريخية التي يسجّلها التاريخ جيل بعد جيل.
كيف تقدرّون قدرة المقاومة على حسن الإدارة السياسية للقضية مثلما قادت العمل المسلّح؟
نقول بكلّ ثقة بأنّه ما لم يتمكّن العدو الصهيوني من تحقيقه بالحرب والقصف والدمار لن يتمكّن من تحقيقه سياسيا، وهناك وعي ويقظة فلسطينية كاملة لهذا الموضوع. ولذلك عندما قدّمت نقاط باريس حول موضوع هدنة طويلة تستمرّ 45 يوما حدث تشاور بيننا وبين حماس والجهاد الّإسلامي وجميع الفصائل وتمّ بلورة ردّ مشترك وقدّم تصوّر فلسطيني تفصيلي حول إمكانية الموافقة على هدنة طويلة ولكن أن تفضي الأمور في النهاية إلى وقف العدوان وإطلاق النار وإطلاق سراح الأسرى والمعتقلين في سجون الاحتلال وإعادة الإعمار وفتح المعابر وإدخال مواد الإغاثة دون قيد او شرط والانسحاب من قطاع غزّة وقد تمّ تقديم هذا الردّ إلى الوسطاء لكن نتانياهو رفض وتمسّك باستمرار الحرب. وبالمناسبة فإنّ كلّ ما حقّقه الكيان الصهيوني حتى الآن هو قتل المدنيين والنساء والأطفال ولم يتمكّن من تحقيق أي إنجازات جدّية على الميدان ولذلك يناور سياسيا متعلّلا بمطالب المقاومة. لكن جميع الفصائل بردّها الموحّد متمسّكة بمطالبها ولديها الإمكانية على مزيد الصمود، ولذلك تدار المعركة بأداء سياسي جيّد كما يتمّ إدارتها عسكريا بصورة مبدعة وسليمة. مقابل الأداء البطولي للشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة، كان الشارع
العربي ضعيف الأداء مجملا، ماهي رسالتكم للساحات العربية؟
لقد تحّرك الشارع العربي في المراحل الأولى للعدوان، لكن بدأنا نلمس تراجعا في الفترة الأخيرة. لقد طالبنا بتواصل هذا الحراك بشكل تصاعدي وان يشكّل ضغطا حقيقيا على الأنظمة العربية حتى تتّخذ مواقف جدّية وعملية لوقف هذ العدوان، وهنا علينا ان نعترف انّ الحركة في الشارع العربي قد تراجعت مقابل شدّتها وقوتها وتأثيرا في العالم، ورغم ذلك لا يمكننا ان نفقد ثقتنا بشعبنا العربي وارتباطه وتمسّكه بالقضية الفلسطينية، وبصراحة أقول أنّ الأزمة تتعلّق بالقوى السياسية العربية وعلينا أن نقف وقفة جديّة أمام واقعنا كأحزاب وحركات سياسية وقوى تقدّمية من أجل دراسة كيفية تطوير أدائنا وأن يكون لنا قدرة كبيرة في قيادة وتحريك الشارع العربي. نحن نناشد وندعو جماهيرنا العربية في كلّ العواصم العربية أن تصعّد من تحرّكاتها الشعبية وأن ترفع العلم الفلسطيني فوق أسطح منازلها وأن ترسم لوحات جدارية بأسماء الشهداء الذين ارتقوا على أرض قطاع غزّة الباسلة وفي الضفة والقدس، وأن يتمّ توجيه مساعدات إغاثية وطبية وتموينية لكي يشعر شعبنا أنّه مسنود من الشعب العربي في كل مكان وندعو القوى السياسية العربية إلى وقفة تقييم جادة وكيفية تطوير أدائنا ودورنا في المرحلة القادمة.