الرئيسية / عربي / أوهام “اليوم التّالي” وحقائق اليوم الأوّل
أوهام “اليوم التّالي” وحقائق اليوم الأوّل

أوهام “اليوم التّالي” وحقائق اليوم الأوّل

بقلم عمار عمروسية

يحتلّ الجدل حول اليوم التّالي بقطاع غزةمساحات واسعة في مختلف وسائل الإعلام السّمعية والبصرية والمكتوبة في المجالين العربي والدولي.

فالمشغل الأبرز منذ أشهر لأهم مراكز الدراسات الإستراتجية بأمريكا والغرب ينصبّ على صياغة وبلورة سيناريوهات مستقبل تفصيلات نظام الحكم بالقطاع، تلك السيناريوهات المحكومة بمنطق نزعات الهيمنة الإمبريالية والإنحياز المفضوح للمشروع الصهيوني وكيانه القائم على سيادة قانون القوّة بما تعنيه من بطشٍ وإمعانٍ في تنظيم حروب الإبادة الجماعية ضدّ الشعب الفلسطيني.

فمستقبل غزةفي منظور قادة القتل بالكيان الصهيوني وشركائهم في المذابح بأمريكا وبعض الدول الغربية لا يسع مطلقا، لا حماسولا أيّ فصيل مقاوم آخر. فاليوم التّالي هو تكريس بشع للهيمنة المطلقة للكيان الصهيوني على الأرض وما بقي من النّاجين من المحرقة الحاصلة منذ أكثر من أربع أشهر.

وهو مستقبل ينطلق المروّجون له من زاوية أوّلا الحفاظ على أمنالكيان النازي ومصالحة ليس فقط في الأراضي المحتلّة وإنّما في كامل المنطقة والإقليمية، وثانيا من خلفيات يتحكّم فيها مزاعم الإنتصار السّاحق لجيش الإحتلال.

لا يكاد يمرّ يوم واحد دون مشاوارت في الغرف المغلقة جدول أعمالها ما أطلقوا عليه اليوم التالي، يعقبها في أغلب الأحيان نقاط إعلامية وندوات صحفيّة جميعها يبشّر بسرديات غزةدون مقاومتها الباسلة وشعبها الصامد.

قد تختلف في جوانب جزئية وتكتيكيّة مضامين تلك التصوّرات بين تلك الجوقة، غير أنّ تطابقها في أهدافها الإستراتيجية هو الحاصل دوما.

يقفز جميعهم حول مجريات المعركة الميدانية وحقائق الميدان العسكري ويواصلون شعوذة رسم معالم الغد في حملات ممنهجة ومتصاعدة تأخذ دون مبالغة شكل أفظع الحروب النفسيّة القائمة على كيّ الوعي بما يعنيه من تبخيس لدور المقاومة وانتصاراتها في ساحة الوغى، إضافة إلى نشر ثقافة الإنهزام والإستسلام.

يعلم ساسة الكيان الصهيوني ودول العدوان ويعرف جيّدا مفكروهم أنّ تحديد ملامح مستقبل غزةوكلّ فلسطين مرتبط بنتائج معركة طوفان الأقصى التي دخلت شهرها الخامس. فـاليوم التاليلن يخرج عن النتائج الموضوعية لليوم الأول الذي مازال مفتوحا، والأهمّ من ذلك أنّ جميع ما يرشح عنه يعزّز القناعة بانتصار المقاومة ونجاحها البطولي في إدارة المعركة بما يعزّز علوّ كعبها في مجمل المجالات العسكرية والإعلاميّة والسياسية.

فالوقائع جميعها رغم الاختلال الكبير لموازين القوى العسكرية وغيرها أيضا لصالح دولة الإحتلال، إلاّ أنّ الأخير لم يقدر على تحقيق أيٍّ من أهدافه المعلنة.

لقد نجح جيش الاحتلال النازي في التّدمير والتقتيل كما لم يحدث من قبل، غير أنّه راكم سلسلة من الإخفاقات المدوّية أوّلها في المجال الإستخباراتي والأمني، فهو على حدّ تعبير قائد الأركان الصهيوني الأسبق والوزير الحالي بمجلس الحرب المصّغر إيزانكوتمثل الثور الأعمى في متاهات غزة وسراديبها“. وثانيا في الميدان العمليّاتي العسكري الذي إرتفعت كلفته البشرية والمادية حدودا غير مسبوقة مقابل إنجازات محدودة بعيدة كلّ البعد عن تحقيق الإنتصار الحاسم أو المطلق مثلما يحلم نتانياهوووزير حربه غالنت“.

فاليد العليا في الميدان لأصحاب الأرض الذين، بإمكانيات تسليحيّة متواضعة، تمكّنوا من خطّ بطولات أسطوريه أربكت حسابات قوى العدوان. فلا البُنى التنظيمية والعسكرية لفصائل المقاومة تفكّّكت، ولا تحرير الأسرى الصهاينة تحقّق بقوّة السلاح والنّار إذا إستثنينا نفرين في عمليّة رفحمؤخرا، تلك الواقعة التّي مازال يلّفها الكثير من الغموض، زيادة على أنّ السيد أسامة حمدانممثّل حركة حماسعلّق عليها بالقول: “الجنديّين المُحرّرين لم يكونا عندنا ولا عند الفصائل الأخرىلقد كانا بحوزة مدنيّين“. وثالثا في المجال السياسي الإعلامي الذي كانت نتائجه تقويض السّردية الصهيونية وكشف مرتكزاتها المبنيّة على اختلاق الأكاذيب ونحت الخرافات حول وجود الكيان وحيثيّات عدوانه البشع.

لقد ربحت المقاومة معركة الصورة ومصداقية الخبر المعلومة، ونجحت في نفض الغبار عن القضية الفلسطينية وأخرجتها من أدراج النسيان ووضعتها في مكانة عالية ومرموقة في كلّ الساحات والميادين بالعالم قاطبة. فحناجر شعوب العالم قاطبة تقريبا تلهج باسم غزّةوشعبها وتدعو إلى الوقف الفوري لهذا العدوان الهمجي.

كما أن الخناق يضيق على دولة الإحتلال الإستيطاني العنصري كما لم يحدث من قبل، ووصل الأمر حدّ مثولها في قفص الاتّهام أمام محكمة العدل الدولية بـلاهايبتهمة هي الأفظع والأخطر ونقصد جرائم ضدّ الإنسانية وحرب الإبادة الجماعية“.

مستقبل غزةوكلّ أراضي فلسطين ينحته الشعب الفلسطيني بصموده في غزّةوالضفة الغربيةوأراضي 1948، وهو أي المستقبل في ثبات وجرأة فصائل المقاومة وفي فوهات بندقية الغولوعبوّات شواظوفيالقسام 105″، وهو أيضا في جبهات الإسناد النّشيطة بكلّ من اليمن ولبنان والعراق وسوريا.

إلى الأعلى
×