الرئيسية / صوت الوطن / ما بعد المهزلة: حزب العمال يقترح نقاطًا برنامجيّة
ما بعد المهزلة: حزب العمال يقترح نقاطًا برنامجيّة

ما بعد المهزلة: حزب العمال يقترح نقاطًا برنامجيّة

إن مقاطعة المهزلة الانتخابيّة ليست نهاية المطاف في تكتيك حزب العمّال، وإنما هي محطّة من المحطّات على طريق مراكمة القوى بما يسمح في لحظة محدّدة من قلب موازين القوى لصالح العمّال والكادحين والشعب عموما الذي يطمح إلى تغييرٍ عميق في ظروف حياته المادّية والمعنويّة. إنّ هذا التغيير لا يمكن أن يتحقّق إلا بإسقاط سلطة الانقلاب التي صفّت المكاسب الديمقراطية للثورة التونسيّة بما في ذلك إمكانية تنظيم انتخابات حرّة ونزيهة وشفّافة، وأرست نظام الحكم الفردي المطلق. إن مهادنة سلطة الانقلاب والتعاون معها والطّمع في تفهّمها أو في إمكانية تنازلها طوعا يمثّل ضربا من الوهم الذي من شأنه أن يُطيل عمرها. وهو الدرس الذي أكّدته كلّ تجارب الدكتاتوريات بما فيه في بلادنا. إن التغيير العميق والشامل، الوطني والديمقراطي والاجتماعي، لا يتحقّق بواسطة الدكتاتورية ولا بالتعاون معها وإنما بالنضال ضدّها وعلى أنقاضها.
وما من شكّ في أنّ هذا الطّريق صعب وشائك ويتطلّب ثباتا وصبرا وتضحيات، ولكنّه الطّريق الوحيد الواقعيّ المؤدّي إلى الهدف. وبما أنّنا لا نؤمن بالانقلابات ولا نعتقد أنّ التّغيير ستمطر به السّماء فإنّنا نعتبر أنّ التعبئة الشّعبيّة التي تتحوّل في لحظة من اللّحظات إلى انتفاضة عارمة تطيح بمنظومة الاستبداد هي الطّريق الوحيد نحو هذا التّغيير. وهو ما يتطلّب عملا جادّا ودؤوبا وصبورا في صفوف الشّعب، انطلاقا من مشاكله اليوميّة في مختلف المجالات للارتقاء بوعيه وتنظيمه، وبالتالي تجاوز حالة التراجع/الجزر السّائدة حاليّا بعد سنوات من الخيبة والإحباط والقمع.
إنّ الخطأ كلّ الخطأ السّقوط في اليأس والنزوع إلى الاستكانة والإلقاء باللّامة على الشعب. إن القوى الثوريّة والديمقراطيّة التقدّمية مطالبة بتحمّل مسؤوليتها في هذه الظروف، فسلطة الانقلاب تتخبّط في ألف مشكلة ومشكلة (سياسية واقتصادية ومالية واجتماعية…)، وما من شكّ أنّ المهزلة الانتخابيّة لن تزيدها قوّة بل ستفاقم أزمتها، ومن واجبنا استثمار حالة التذمّر المتزايدة في مختلف الأوساط الشّعبيّة لتحويلها إلى حالة وعي سياسيّ وتوجيهها نحو هدف مركزيّ وهو إسقاط الانقلاب وإنقاذ وطننا وشعبنا.
إنّ إسقاط الانقلاب بشكل منظّم وواع سيفتح الباب أمام توفير الأداة السياسيّة التي ستتولّى لاحقا إنجاز المهام المستعجلة لوضع البلاد على سكّة الخروج من الأزمة. وهذه الأداة السياسية هي حكومة مؤقّتة (حكومة فترة انتقاليّة) نابعة من صلب النضال الشعبي المنظّم والمُؤطَّر سياسيّا بأحزابٍ ومنظّماتٍ وهيئاتٍ ومجالسٍ تناقش وتقترح وتقرّر وتعمل حول هدف كبير واحد كما يحصل في كلّ الانتفاضات التي تنجح في إسقاط الاستبداد وبناء بديل جديد على أنقاضه. ومن البديهي أنّه لا يمكن من الآن تحديد كيفية قيام هذه الحكومة وتركيبتها بشكل دقيق، وهو أمر ستتحكّم فيه الظروف وموازين القوى، ولكن يمكن من الآن تحديد الإجراءات المستعجلة التي من شأنها أن تشكّل برنامج الحكومة المؤقّتة وتكون ملزمة بتنفيذها لتجنيب شعبنا الكارثة وفتح آفاق جديدة أمامه تعيد إلى بناته وأبنائه الأمل. وتتمثّل هذه الإجراءات المستعجلة، التي من واجبنا تحويلها إلى برنامج دعائي يوميّ في صفوف الشّعب ولفّه حولها، إلى قسمين إثنين: فأمّا القسم الأوّل فهو سياسيّ وأمّا القسم الثّاني فهو اقتصاديّ واجتماعيّ. وسنسوق في هذا المقال أهمّ الإجراءات، على أنّ من يريد التفاصيل فهي موجودة في وثيقة الحزب: “لماذا يقاطع حزب العمّال مهزلة 6 أكتوبر؟”

الإجراءات السياسية

إلغاء كلّ الإجراءات والقرارات والمراسيم التي اتّخذتها سلطة الانقلاب:

  • إلغاء دستور 2022
  • حل البرلمان ومجلس الجهات والأقاليم وكل الهيئات التي نصّبها الانقلاب
  • إلغاء كل المراسيم والأوامر والقوانين ومنها المراسيم 54 و35 وغيرها
  • إطلاق سراح المعتقلين من أجل آرائهم، سياسيّين ونقابيّين وإعلاميّين ومدوّنين ومواطنين وتمكينهم من استعادة كافّة حقوقهم في إطار عفو تشريعي عام.
  • اتخاذ إجراءات لضمان استقلاليّة القضاء واحترام دور المحاماة لتوفير شروط المحاكمة العادلة.
  • إعداد قانون انتخابي تتمّ مناقشته عبر التنظيمات الشعبية والسياسية القائمة بهدف تمكين مختلف الطبقات والفئات الكادحة والشعبية من التمثيل في المجلس التشريعي عبر انتخابات حرّة تتوفّر فيها كافة شروط النزاهة والشفافيّة.
  • تنظيم انتخابات حرّة وممثلة للعمال والكادحين والنّساء والشباب والمثقفين والمبدعين وذوي الإعاقة وعموم الشعب ينبع عنها مجلس تشريعي يتولّى وضع دستور جديد يتجاوز نقائص دستور 2014 وهِناته، يضمن الحريات والحقوق والمساواة ويحدّد النظام السياسيّ للبلاد.

الإجراءات الاقتصادية والمالية والاجتماعية

المستوى الاقتصادي والمالي

  • إلغاء الاتفاقيات غير المتكافئة والمضرّة بمصالح البلاد وسيادتها (اتّفاقية الشراكة الخ…)
  • تعليق تسديد المديونيّة لمدة ثلاث سنوات يجري خلالها تدقيق شامل حول هذه المديونيّة
  • تأميم الثروات والقطاعات الاستراتيجية
  • إدماج القطاع الموازي ضمن الاقتصاد المنظّم
  • وضع أسس نظام بنكي-مالي عمومي موجّه إلى النهوض بالاستثمار في القطاعات المنتجة
  • تركيز الاستيراد على الحاجات الأساسية الضرورية للإنتاج والصحة والتعليم

المستوى الاجتماعي

  • مضاعفة الأجر الأدنى للعمال والعاملات في القطاعين الصناعي والفلاحي
  • إقرار منحة للمعطلين عن العمل مع منحهم حق العلاج والتنقل المجانيّين طوال فترة بحثهم عن شغل
  • تمكين الشباب في الأرياف من مقاسم فلاحية ومساعدتهم على استغلال الأرض جماعيا في إطار تعاونيّات
  • إقرار مجانية العلاج و”الولادة” للنساء الحاملات وتوفير المحاضن ورياض الأطفال في البلديات ومؤسسات العمل
  • توفير الآليات الضرورية لحماية النساء من العنف وتطبيق القانون المتعلّق بنقل العاملات والعمال الفلاحيين
  • توفير الماء الصالح للشراب للجميع ضمن خطّة مائية جديدة
  • إلغاء ديون الفلّاحة والبحّارة الصغار والحرفيّين وتقديم المساعدة الفورية إليهم لتطوير إنتاجهم.
  • مراجعة أوضاع المتقاعدين بما يضمن لهم الشروط الدنيا لحياة كريمة
  • العناية بالمثقفين والمبدعين المتقاعدين والمرضى وتمكينهم من جراية تضمن لهم ظروف حياة كريمة.

تطوير الخدمات العامة

وضع الأسس الأوّلية من أجل:

  • إرساء تعليم عمومي مجاني وراق
  • إرساء صحة عمومية مجانية وراقية
  • صياغة خطة لتمليك المواطنين/المواطنات المساكن الاجتماعية وفقا لصيغ تراعي حالتهم المادية مع العمل على تطوير السّكن الاجتماعي للنهوض بحالة العائلات المستحقّة
  • تطوير النقل العمومي
  • وضع خطة لتحسين المحيط ومكافحة الأوساخ والنفايات الخ…

اتباع سياسة خارجيّة مستقلة ومعادية للاستعمار والصهيونية والحرب ومناصرة للقضايا العادلة

  • تجريم التطبيع مع الكيان الصّهيوني
  • تقديم الدّعم للشعب الفلسطيني
  • إخضاع العلاقات مع الدول لمبدأ احترام السيادة والمنفعة المتبادلة

هذه جملة من المقترحات التي يراها حزب العمال ضرورية لأيّ فترة انتقاليّة على طريق القطع لا مع الشعبوية فقط وإنما أيضا مع الاختيارات والسياسات الرجعية التي عرفتها بلادنا خلال العشرية السابقة والتي أدارت خلالها الحكومات المتعاقبة الظهر للثورة ولمطالب الشعب وهو ما فسح المجال لظهور الشعبوية. فلا شعبوية ولا عودة إلى ما قبل 25 جويلية 2021 ولا إلى ما قبل 14 جانفي 2011 وإنما مشروع جديد يلبّي حقّا مطلب الشعب في الشغل والحرية والكرامة الوطنيّة.

إلى الأعلى
×