بقلم ماهر الزعق
سرديّة التحرّر الوطني لم يقع ابتلاعها، عملوا على تفخيم التفاهات، حتى غدا ترميم مسبح بلدي من أعظم الإنجازات، أرادوا توجيه الرأي العامّ للاهتمام بمسألة تدغدغ العواطف وتثير الغرائز، إنّها المؤامرة الماسونية التي تدمّر الأخلاق الحميدة وتستهدف فلذات أكبادنا ومستقبل شبابنا… بافتعال قضيّة كبرى وصناعة عدوّ مشترك يُمكن إصابة أكثر من عصفور بحجر واحد:
- الإلهاء عن البؤس المعمّم وعن العبث والانهيار وتحويل الأنظار عن إزهاق الأرواح في غزّة ولبنان وعن اغتيال نصر الله والسنوار…
- تضخيم ظاهرة الانحلال الأخلاقي على صفحات المواقع الاجتماعية، حتى تبدو وكأنها أمّ المصائب، ثم يأتي الإيهام بالحلّ، ليبرز الحاكم وكأنّه المُخلِّص الساحر والمُنقذ الفذّ.
- تحشيد الناس حول الخليفة وضدّ المؤامرة الماسونية، ليُفرِّجوا عن بؤسهم الكياني ويُنفّسوا عن كَربهم وعن غبنهم وليُزايد بعضهم على بعض في كيل الشتائم واللعنات على المنحرفين والمنحرفات.
- المزيد من التضييق على الحريّات ومضاعفة المسوّغات للإيقاع بكلّ من تسوّل له نفسه محاولة التفكير أو التشكيك أو التعبير أو المواجهة، فتهمة المسّ بالأخلاق الحميدة دوما جاهزة وعملية التلفيق لعب أطفال، أنت مُدان حتى تُثبِت براءتك، هكذا هو الأمر في بلد يحكم فيه الضبّ بين الثعلب والأرنبِ.
- التدرّج لإرساء شرطة الأخلاق ونظام الحسبة الذي حاول الإخوان إحلاله بلا طائل ودون نجاح.
صفوة القول، إنّها لكلمة حقّ أريد بها باطل ومن بيته من زجاج لا يرمي الناس بالحجر، فكيف يدافع عن الأخلاق من كذب ولفّق، من ظلم ونكّل، من حَنث وفقّر ومن اتّهم قاضية بالزنا وهي منه براء؟ كيف نصدّق من كانت زبانيته قمّة في السفاهة والوضاعة والانحطاط؟
أخلاق المسبح وترميم حميدة، انقلبت الأمور سافلها عاليها، لعلّي بهذه التدوينة أنفّس عن غصّة في حلقي وكما قال الآخر “أشبعتهم شتما، لكنّهم فازوا بالإبل”.