ارتفع في الأيام الأخيرة نسق التّضييق على حرّية التّعبير والإعلام والحق في الإضراب والاحتجاج وهو ما يؤشّر لتصعيد جديد من سلطة الانقلاب بهدف تكميم الأفواه وفرض الصمت على المجتمع لإخضاعه لخياراتها المعادية للشعب والوطن. ففي هذا السياق تمّ يوم الاثنين 11 نوفمبر 2022 استنطاق الإعلامية خولة بوكريم من قبل فرقة مقاومة الإجرام ببن عروس على خلفية شكوى رفعها ضدّها عون أمن يتّهمها فيها “بالاعتداء عليه” أثناء قيامها بتغطية تحرك احتجاجي يوم 18 جويلية 2022 بالعاصمة ضد الاستفتاء على دستور قيس سعيّد. كما تم في نفس الإطار استنطاق الناشطة أسرار بن جويرة، رئيسة جمعية “تقاطع” وعضو الشبكة التونسية للحقوق والحرّيات، على خلفية 10 شكاوى بالتّمام والكمال معظمها رفعها ضدها أعوان أمن بمناسبة المشاركة في نفس التحرك الاحتجاجي يتهمونها فيها بالاعتداء عليهم أيضا. ومن المنتظر أن يشمل البحث نشطاء/ناشطات آخرين. وفي نفس اليوم دعي الصحفي الهاشمي نويرة للمثول أمام الفرقة العدلية بالمنستير إثر شكاية رفعتها ضدّه هيئة “بوعسكر” للانتخابات على خلفية ما صرّح به في إحدى القنوات التلفزية حول مهزلة 6 أكتوبر الماضي. وأشارت نقابة الصحفيين في بيان لها بتاريخ الثلاثاء 12 نوفمبر 2024 إلى احتجاز مصور صحفي تعسفيا خلال تصويره أمام وزارة العدل يوم الاثنين 11 نوفمبر 2024 وحجز معداته. كما أشارت إلى دعوة الصحفية بموقع الكتيبة رحمة العبيدي للحضور يوم الثلاثاء 12 نوفمبر كـ”شاهدة” لدى الوحدة الوطنية للبحث في الجرائم المالية المتشعبة بالقرجاني. وأخيرا وليس آخرا تمّ فتح تحقيق في قضية جديدة ضد الصحفي محمد بوغلاب القابع في بالسجن منذ أشهر، بتهمة الإساءة إلى الغير عبر شبكات التواصل الاجتماعي مع العلم أن عدد الصحفيين الذين أحيلوا في العام الحالي على القضاء قد بلغ حسب نقابة الصحفيين الـ37.
وعلى صعيد آخر فقد أوقف البوليس يوم 9 نوفمبر 2024 مجموعة من عاملات وعمّال مصنع الأحذية بالسبيخة (ولاية القيروان) بمعيّة الكاتب العام للاتّحاد المحلّي للشّغل، جمال الشريف، على خلفية الإضراب الذي شنّه العاملات والعمال رفضا للطرد التعسّفي والاستغلال الفاحش ودفاعا عن الحقّ النّقابي، وقد تمّ الاحتفاظ بثلاثة عمال وبالكاتب العام للاتحاد المحلي فضلا عن تعليق العمل بالمصنع واتّخاذ عقوبة جماعيّة ضدّ العاملات والعمّال باقتطاع جراية عشرة أيّام. وفي ولاية صفاقس تم خلال الأسبوع الفارط اعتقال الكاتب العام للنقابة الأساسية للمركب الفلاحي “بوزويتة” بمنزل شاكر صحبة عاملين على خلفية قضيّة قديمة منشورة منذ 2021 تعود أسبابها إلى نشاط نقابي. كما تمّ إيقاف الكاتب العام للنقابة الأساسية لمركّب “الشعّال” على إثر زيارة قيس سعيد لهذا المركّب ولا يعرف إلى حدّ الآن، حسب مصادر نقابيّة بالجهة، الأسباب الحقيقية لهذا الإيقاف. وفي ولاية سليانة بالشّمال الغربي دعي أربعة مواطنين من منطقة “البحيرين” من معتمدية برقو، بعضهم طاعن في السنّ (فوق 75 سنة)، للمثول يوم الثلاثاء 12 نوفمبر 2024 أمام محكمة الاستئناف على خلفية احتجاجهم على إسناد رخصة تنقيب عن المياه بغرض إنشاء وحدة جديدة لتعليب المياه هي الثالثة في الجهة وتحديدا في منطقة تعيش شُحّا في مياه الشّرب بعد أن نضبت كل العيون الطبيعية علاوة على استغلال الفلاحين لبئرين عميقين في سقي أراضيهم حسب بيان للمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية.
إن حزب العمال إذ يجدّد تضامنه مع ضحايا الاستبداد المعتقلين أو الملاحقين بسبب آرائهم ومواقفهم السياسية أو نشاطهم الإعلامي أو النقابي أو الحقوقي أو بسبب احتجاجهم على ظروف عيشهم أو بسبب تعبيرهم عن رأي أو إبداء نقد لسلطة الانقلاب في شبكة التواصل الاجتماعي فإنه:
– يدين المنحى التصاعدي للقمع واستهداف الحريات الأساسية معتبرا ذلك دليلا إضافيا على طبيعة نظام قيس سعيّد الدكتاتورية والاستبدادية واتّجاهه، بعد فرض نفسه حاكما فرديا للبلاد على إثر مهزلة 6 أكتوبر الانتخابيّة التي لم يشارك فيها أكثر من 70% من الناخبين والناخبات، نحو تصفية ما تبقّى من حريات افتكّها الشعب وقواه الحيّة بالنضال والتضحية، وتدجين المجتمع وفرض التأطير الأمني للحياة العامة وفرض خيارته الاقتصادية والاجتماعيّة القائمة على مفاقمة التبعية والتفقير والتجويع.
– يدعو عموم القوى الديمقراطيّة التقدمية السياسية والمدنية والاجتماعية إلى التصدي للاستبداد الزاحف ولنهجه القمعي القائم على التخويف والترويع لفرض صمت القبور على الشعب التونسي بعماله وكادحيه ومُعْدميه ونسائه وشبابه ومثقفيه ومبدعيه حتى يتسنّى له تنفيذ خياراته الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي من شأنها مفاقمة التبعية للخارج والبطالة والفقر والبؤس وتعميق الأزمة القيمية والأخلاقية.
– يؤكّد قناعته بأنّ مساعي سلطة الانقلاب الاستبدادية والدكتاتورية ستخيب مثلما خابت مساعي منظومات الحكم المتعاقبة على بلادنا بما فيها تلك التي حكمت بعد الثورة وأنّ الكلمة الفصل ستكون مرة أخرى للشّعب التونسي الذي سينهض من جديد متجاوزا أوضاعه الحاليّة، مدركا مصالحه التي لا علاقة لسلطة الانقلاب بها لا من قريب ولا من بعيد، واثقا بقوّته وقدراته، عازما على الانتصار وعلى تحقيق ما لم يحققه في ثورته التي التفّت عليها قوى الثورة المضادة وأجهضتها.
لا للخوف، لا للإحباط
إلى النّضال من أجل حريتنا وحقوقنا المهدورة
يسقط الاستبداد، تسقط الدكتاتوريّة