الرئيسية / صوت الوطن / بعد 14 سنة من انطلاق المسار الثوري، الحصاد الاقتصادي والاجتماعي: صفر
بعد 14 سنة من انطلاق المسار الثوري، الحصاد الاقتصادي والاجتماعي: صفر

بعد 14 سنة من انطلاق المسار الثوري، الحصاد الاقتصادي والاجتماعي: صفر

بقلم حسين الرحيلي

“التشغيل استحقاق يا عصابة السراق”، “شغل حرية كرامة وطنية”، شعارات مركزية صدحت بها حناجر شباب تونس الثائر ضدّ الفقر والظلم والتهميش الاقتصادي والاجتماعي منذ أحداث الحوض المنجمي 2008 وصولا إلى الانتفاضة الشعبية 17 ديسمبر 2010 – 14 جانفي 2011. لكن ماذا تحقق للشباب خصوصا وللشعب التونسي وللبلاد عموما بعد مضيّ 14 سنة على انتفاضته الشعبية؟ هل تحقّق التشغيل؟ هل تغيّرت أحوال التونسيّات والتونسيّين إلى الأفضل؟ هل تحققت نهضة اقتصادية شاملة ألغت الفوارق التنموية بين الجهات ووفّرت الكرامة لأبناء هذا الشعب؟ أم أنّ ما حصل قد ذهب في الاتجاه المعاكس لكلّ الشعارات التي تمّ رفعها سابقا، ولكلّ الأحلام والطموحات التي حلُم بها الجميع سنة 2011؟
سنحاول التركيز في هذا الرصد التقييمي للحصاد الاقتصادي والاجتماعي منذ 2011 إلى اليوم، على النقاط التالية: المديونية، البطالة، الاستثمارات العمومية والخاصة، المقدرة الشرائية للسكان.

  1. المديونية:

مثلت المديونية ومازالت أحد أهّم المعوّقات للتنمية الفعلية في البلاد، إذ أنّ المالية العمومية موجّهة في أغلب إيراداتها لخلاص الديون تحت تعلّة “تونس وفيّة لالتزاماتها الدولية مع المانحين”. كما أنّ الديون التي أثقلت كاهل دافعي الضرائب في تونس لم تكن موجّهة كليا للاستثمار وتحسين إطار عيش التونسيّين، ولكن كانت وجهتها لخدمة مَن في السلطة والعائلات واللوبيات الدائرين في فلكها.
في عهد بن علي، وصل الدّين العمومي سنة 2002 إلى مستوى 59.9% من الناتج المحلي الخام. ولكن منظومة بن علي، استغلت نسب النمو المحترمة آنذاك (في حدود 5% سنويا) للتقليص من المديونية العمومية إلى مستوى 40.5% سنة 2010. لكن كل هذا كان على حساب التنمية في الجهات والبنى التحتية الخدماتية وخاصة في مجالات الصحة والتعليم والنقل، إضافة إلى غلق الانتدابات في القطاع العمومي ممّا خلّف نسب بطالة مرتفعة. كانت من الأسباب المباشرة لانتفاضة الحوض المنجمي 2008، وانطلاق المسار الثوري سنة 2011.
بعد هروب بن علي في 14 جانفي 2011، وهيمنة القوى الظلامية ومَن حولها من بقايا نظام بن علي على الدولة. وانطلاقا من عدم إيمان هذه القوى الظلامية والرجعية بمنطق الدولة ومفهومها وأدوارها. ونظرا لارتباط هذه القوى الظلامية والرجعية بالقوى الاستعمارية والامبريالية وأجنداتها. فإنه تمّ تحويل الدولة إلى غنيمة، وقاموا باقتسام كعكة الحكم والامتيازات واستغلال أموال الدولة وديونها لمصالحهم ومصالح أتباعهم في الداخل والخارج، مع غياب كامل للاستثمارات سواء في مجال الخدمات الأساسية للمواطنين أو في مجال خلق الثروة الفعلية. فتمّ إغراق الوزارات والدواوين ومؤسسات القطاع العام بانتدابات عشوائية تحت مظلة العفو التشريعي العام. ووفق الأرقام المتداولة فإنّ عدد الانتدابات هذه بلغ أكثر من 90 ألف في ظرف سنتين. وهو ما أثقل كاهل المالية العمومية من خلال ارتفاع صاروخي لكتلة الأجور لأعوان الدولة لتصل سنة 2017 إلى 16% من الناتج المحلي الخام. وهي نسبة كبيرة جدا بالمقارنة مع واقع الاقتصاد المتهالك. وكان الحلّ لتأمين كل هذه الأجور هو التداين. فقفزت نسبة الدَّين العمومي من 40.5% سنة 2010 إلى 71% سنة 2017، ممّا يعني أنّ الدّين العمومي تضاعف تقريبا خلال 6 سنوات فقط. ولكن رغم ارتفاع نسبة الدّين إلاّ أنّ نسب النمو تراجعت إلى ما تحت 2%، ممّا يعني أنّ كلّ هذه الديون لم تكن للاستثمار وخلق الثروة ولكن كانت لتغطية نفقات الدولة وأعوانها وامتيازات مسؤوليها الذين تضاعف عددهم مرات عدة تحت منظومة حكم قائمة على المحاصصة واقتسام الغنائم والمناصب.
تواصل نسق التداين بنفس الوتيرة حتى بعد 25 جويلية 2021، رغم رفعه لشعار التعويل على الذات. إذ بلغت المديونية العمومية سنة 2024 نسبة 83.3% من الناتج المحلي الخام. بل الأخطر في هذه المرحلة هو أنّ الدولة أصبحت تتداين لخلاص ديون سابقة. ممّا عمّق حلقة التداين لتونس وجعلها تستنزف كلّ إمكاناتها المالية العمومية لخلاص الديون فقط والتخلي شبه نهائي عن أدوارها الأساسية في توفير المواد الأساسية والأدوية.
خلاصة القول، إنّ بعد 14 عشرة سنة من انطلاق المسار الثوري 2011، لم تفعل الطبقات التي توالت على الحكم في تونس سوى أن عمّقت المديونية العمومية وأغرقت البلاد في مستنقع حلقة تداين متواصلة، وأغرقت الشعب في بطالة كبيرة.

2. البطالة:

“التشغيل استحقاق يا عصابة السراق” كان الشعار المركزي لانتفاضة الحوض المنجمي سنة 2008، ثمّ تحوّل هذا الشعار إلى المطلب الرئيسي لانتفاضة 17 ديسمبر2010 – 14 جانفي 2011، طبعا إلى جانب الحرية والكرامة في شعار تونسي فريد “شغل، حرية، كرامة وطنية”، ممّا جعله يكتسح كل الانتفاضات العربية بعد 2011.
من خلال هذا المطلب الرئيسي، حلم التونسيين والتونسيات بأن يكون التشغيل والتنمية الفعلية الخالقة للثروة أحد أهم أولويات البلاد ومن سيحكمها بعد 14 جانفي 2011. لكن النتيجة كانت عكس ما حلم به شباب وشابات تونس باعتبارهم المحرّكين الرئيسيّين للمسار الثوري.
فإذا كانت نسبة البطالة زمن حكم بن علي مرتفعة في حدود 13% سنة 2010 والتي قامت في وجهها الانتفاضات الشعبية منذ 2008، فإنه من المفروض أن تنخفض هذه النسبة تباعا بعد 14 جانفي 2011، في إطار تحقيق مطالب شباب “الثورة”. ولكن بتصفح تطوّر مؤشرات البطالة في تونس بعد 14 جانفي 2011، ولئن كان منطقيا أن ترتفع خلال سنة انطلاق المسار الثوري 2011 والتي وصلت إلى 18.3% خلال شهر ماي 2011، فإنّ المنطق الثوري يفترض أن تكون السنوات اللاحقة لسنة 2011 سنوات تنمية وتشغيل بامتياز.
إلاّ أنّ غياب المشروع الوطني المتكامل للقوى الظلامية والسائرين في ركابها من بقايا النظام السابق والسماسرة والعملاء، زاد من تعميق مستويات البطالة. إذ وباستثناء سنوات 2013 و2014 والتي تمّ إغراق الإدارة التونسية بآلاف من الانتدابات العشوائية والمشبوهة من أتباع وزبانية القوى الظلامية والرجعية تحت يافطة العفو التشريعي العام، والتي كان من نتائجها أن تراجعت نسبة البطالة الرسمية إلى حدود 15%. وأمام خضوع الحكومات المتعاقبة على السلطة منذ 2013 إلى 2021 لتعليمات وشروط صندوق النقد الدولي والمتعلقة خاصة بغلق باب الانتدابات في الوظيفة العمومية والقطاع العام منذ 2013، وارتباطا بتراجع حاد للاستثمارات العمومية والخاصة كنتيجة منطقية لغياب المشروع الوطني وسيطرة عقلية الغنيمة على الماسكين بالسلطة، فإنّ نسب البطالة أخذت منذ 2016 منحى تصاعديا من 15.5% سنة 2018 لتصل إلى 17.58% سنة 2020، لتستقر ما بين 16.5 و16.8% خلال سنوات 2021-2024.
بناء على ما تقدّم ذكره، فإنّ البلاد، بعد 14 سنة من انطلاق المسار الثوري، لم تحقق أيّ تقدّم في التخفيف من البطالة. بل بالعكس، ارتفعت هذه النسبة بحوالي 5% مقارنة بسنة 2010. ممّا يعني أنّ الحصيلة الاقتصادية والاجتماعية لمن حكموا البلاد بعد انتفاضة 17 ديسمبر2010 – 14 جانفي 2011 سلبية جدا وفاقمت أزمة البطالة التي كانت أحد أهم الأسباب لانطلاقتها.

3. تراجع الاستثمارات العمومية والخاصة:

إنّ ارتفاع مستويات البطالة في تونس بالمقارنة مع دول مشابهة لأوضاعنا (المغرب 10.2% والأردن 11%)، مرتبط أساسا بتراجع حاد للاستثمارات العمومية والخاصة طيلة الـ14 سنة الفارطة. ذلك أنّ خلق مواطن الشغل الفعلية يمرّ حتما بخلق حقيقي للثروة. أمّا ما تمّ القيام به في تونس منذ 2008 إلى اليوم من مواطن شغل وهمية، سواء بالانتدابات العشوائية التي أغرقت الإدارة التونسية زمن حكم القوى الظلامية ومن والاها أو شركات البيئة والغراسة، لا تعدو أن تكون إلاّ هدرا للمال العام وإنهاكا للمؤسسات العمومية الناشطة في القطاعات التنافسية دون المساهمة الفعلية في الناتج المحلي الخام. لذلك فإنّ كل هذه الإجراءات كانت مجرّد مسكّنات لأزمة البطالة الهيكلية المرتبطة أساسا بفشل منوال تنموي غير قادر على خلق الثروة الحقيقية.
كما أنّ تراجع الاستثمارات العمومية خلال 14 سنة كان عاملا حاسما في تراجع كل المؤشرات الاقتصادية للبلاد من نسب نمو متدنية وارتفاع كبير للتضخم، ممّا عمّق أزمة الاستثمارات الخاصة التي أصبحت أكثر كلفة، وبالتالي أقل مردودية. فالدولة في زمن الأزمات هي القاطرة الفعلية للتنمية والاستثمار وتهيئة فضاءات العمل والاستثمار وخلق الثروة. لكن في تونس حدث العكس تماما لهذا التمشي الاقتصادي الضروري. إذ تراجعت الاستثمارات العمومية تباعا منذ 2010 من 26% من الميزانية العامة للدولة، لتصل إلى ما تحت 9% سنة 2024. ذلك أنّ ميزانية الدولة ومنذ 2012 إلى 2024، أصبحت مهمّتها الأساسية خلاص الديون وضمان أجور أعوان الدولة ودواوينها ومؤسساتها فقط. إذ تمثل الأموال المرصودة بميزانية 2024 لخلاص الديون وأجور أعوان الدولة حوالي 70% من قيمة الميزانية. ممّا عمّق أوضاع المالية العمومية، وترك مؤسسات الدولة الغارقة أصلا في أزمات هيكلية دورية تهدد وجودها، وخاصة المنتجة للثروة مثل شركة فسفاط قفصة والمجمع الكيميائي وشركة الفولاذ وشركة الحلفاء والخطوط الجوية التونسية وغيرها. ومن النتائج المباشرة لهذا التوجه الأعرج، عجز شركة فسفاط قفصة عن تجديد أسطول إنتاجها، ممّا جعل إنتاجها من الفسفاط يتراجع تباعا إلى مستويات لا تتجاوز 2.9 مليون طن سنة 2023، وهي نفس الكمية أو أقلّ ممّا يمكن تحقيقه سنة 2024، رغم أنّ المخطط الاقتصادي 2023-2025 الذي وضعته حكومة سعيد كانت تحلم بالوصول إلى 8 مليون طن سنة 2024، دون التفكير فيما يلزم هذه الشركة الوطنية المثقلة بالديون وبالالتزامات الاجتماعية – والتي هي في الأصل مسؤولية أجهزة الدولة – من إمكانات مادية لتجديد جزء من أسطول إنتاجها.
أمّا تراجع الاستثمارات الخاصة محلية كانت أو خارجية، فذلك يعود إلى أسباب عديدة أهمّها:

  • غياب الاستقرار السياسي والرؤية المستقبلية لمن هم في السلطة وخاصة خلال هذه الفترة التي تعدّ الأكثر شعبوية وأخطرها.
  • عدم الاستقرار التشريعي وخاصة في مجال الجباية.
  • ارتفاع الضغط الجبائي على الشركات كما على الأجراء.
  • هيمنة الإدارة البيروقراطية وانتشار الفساد في جميع مفاصل الدولة.
  • انتشار خطاب التخوين والدّعوة إلى الاحتراب الداخلي من أعلى هرم السلطة في إطار ما سمّاه بحرب التحرير الوطني.
  • ارتفاع عدد رجال الأعمال الموقوفين تحت يافطات محاربة الفساد، رغم أنّ الهدف المخفي هو الابتزاز المالي لإنقاذ المالية العمومية من الانهيار.
  • ارتفاع كلفة الاستثمار بسبب ارتفاع مؤشرات التضخم (وصل إلى 10.5% سنة 2022) وبالتالي ارتفاع نسبة الفائدة المديرية إلى مستوى 8%، وإصرار البنك المركزي على التمسّك بهذه القيمة رغم تراجع التضخم إلى مستوى 7% سنة 2024.
  • ضعف مساهمة البنوك في تمويل الاقتصاد بعدما انحصر دورها خاصة خلال السنوات الثلاث الأخيرة في إقراض الحكومة بعدما أغلق باب الدين الخارجي للدولة بتعليمات من صندوق النقد الدولي.

وأمام كل هذه الظروف والمؤشرات السلبية للاقتصاد الوطني، فإنّ إطار عيش التونسيات والتونسيين ومقدرتهم الشرائية قد شهد تراجعا كبيرا، ممّا خلّف ارتفاعا في نسب الفقر وعمّق التهميش وزاد في توسيع الهوّة التنموية بين الجهات.

4. المقدرة الشرائيّة:

حلم التونسيون والتونسيات بعد 14 جانفي 2011 بتطوير إطار عيشهم وتحسين مقدرتهم الشرائية من خلال تحسين مداخيلهم. كل ذلك في إطار تغيير نمط التنمية الفاشل الذي كان سببا في انتشار الفقر والبطالة والتهميش والفوارق الجهوية. لكن وانطلاقا من أنّ الذين مسكوا بالسلطة منذ 2012 إلى اليوم لا يختلفون عن منظومة بن علي في شيء، ولأنهم لا ينظرون إلى الحكم إلاّ من خلال منطق الغنيمة واقتسامها، فإنّهم أعادوا إنتاج نفس نمط التنمية السابق بكل تفاصيله بل بمسؤوليه وإطاراته ومنظّريه. وإذا أضفنا إلى كل هذه الأسباب ضعف الدولة وتراجعها عن أداء واجباتها، فإنّ النتيجة الحتمية لكل هذا المسار ستكون على حساب الطبقات الشعبية وعلى حساب مقدرتهم الشرائية وإطار عيشهم بشكل عام. فتدحرجت الطبقة الوسطى التي كانت ميزة المجتمع إلى الطبقة الفقيرة، أمام تراجع دخلها من خلال تجميد الأجور وتسارع وتيرة غلق المؤسسات الصناعية والخدماتية بسبب غياب الاستقرار الأمني والسياسي ما حوّل جزءً مهمّا من الأجراء السابقين إلى معطّلين عن العمل لأسباب فنية واقتصادية. كما أنّ تراجع إنتاج الفسفاط ومشتقاته، والعديد من القطاعات الإنتاجية الأخرى قد تسبّب في تراجع مداخيل الدولة التي التجأت إلى الحلول السهلة لتغطية عجز المالية العمومية، بضغط جبائي رهيب على العمّال والأجراء وأصحاب الشركات الصغرى والمتوسطة، ممّا أثقل كاهل جلّ الشرائح الاجتماعية بالضرائب والإتاوات.
كما أنّ غياب الدولة، قد وفّر فرصة للسماسرة والوسطاء للتحكّم في السلع والمواد الاستهلاكية، فانتشرت المضاربة والاحتكار، ممّا رفع في أسعار كلّ المواد الاستهلاكية خاصة. وهو ما جعل التضخم يرتفع إلى مستويات غير مسبوقة، إذ وصل إلى 10.5% سنة 2022، ليستقر في حدود 7% سنة 2024، علما وأنّ مستويات التضخم في تونس قد ارتفعت بحوالي 60% بين سنة 2015 وسنة 2024 وهي نسبة ارتفاع كبيرة بالمقارنة مع الواقع الاقتصادي للبلاد.
بشكل أكثر تفصيل لتداعيات التضخم على أبناء الشعب، وخاصة على مستوى أسعار المواد الاستهلاكية الضرورية، فإنه يمكن القول إنّ مستوى الأسعار قد ارتفع بشكل جنوني بين 2015 و2024، مثلما يدلّ على ذلك:

  • ارتفاع أسعار اللحوم البيضاء والحمراء بنسبة 125%.
  • ارتفاع أسعار الأسماك بنسبة 75%.
  • ارتفاع أسعار الزيوت النباتية بنسبة 142%، مع غياب شبه تامّ للزيوت المدعومة أمام إحجام السلطة عن توريدها في إطار سياسة جديدة “لا نرفع الدعم ولكن نرفع المدعوم”.
  • ارتفاع أسعار الخضر والغلال بنسبة 108%.
  • ارتفاع أسعار السكن بنسبة 97%.
  • ارتفاع أسعار اللباس بنسبة 70%.

كل ذلك، دون أن ننسى دخول البلاد في أزمات دورية متمثلة في نقص المواد الأساسية والاستهلاكية منذ 2022 بداية من الخبز إلى السكر والقهوة والزيوت النباتية المدعومة والأرز والسميد والفارينة والغاز المنزلي والبطاطا والطماطم ولحوم الدجاج. وتبرّر السلطة القائمة هذه الأزمات الدورية غير المسبوقة بالبلاد بالاحتكارات ولوبيات تعمل على زعزعة الأمن والسلم الاجتماعي، متناسية أنّها هي من يورّد كل هذه المواد تقريبا عدا الخضر والغلال ولحوم الدجاج.
بعد هذا العرض المختصر لما حصده الشعب التونسي بعد 14 سنة من انطلاق المسار الثوري، هذا المسار الذي حلم من خلاله أبناء الشعب وخاصة الشباب بالشغل والحرية والكرامة، يجد شعبنا نفسه قد خسر ما كان من شغل وفقد حريته التي ضحّى من أجلها بدماء الشهداء وأصبحت الكرامة كلمة غريبة عن قاموسه أمام عجزه عن توفير خبزه وإعالة نفسه وأسرته.
وأمام تواصل غياب المشروع الوطني الشامل، وانتشار الخطابات الشعبوية التي تبيع الوهم والشعارات الرنانة للشعب، مقابل عجز ميداني تام عن تحقيق أيّ من هذه الشعارات، فإنّ الأوضاع المعيشية لأبناء الشعب ستزيد سوءً أمام تعقّد الأوضاع الإقليمية والدّوليّة على المستوى السياسي والاقتصادي.

إلى الأعلى
×