الرئيسية / صوت الوطن / يوم 6 فيفري اليوم الوطني لمناهضة الإرهاب والاغتيال السياسي
يوم 6 فيفري اليوم الوطني لمناهضة الإرهاب والاغتيال السياسي

يوم 6 فيفري اليوم الوطني لمناهضة الإرهاب والاغتيال السياسي

بقلم منوّر السعيدي

يحيي الثوريون والديمقراطيون وكل الأصوات الحرة في تونس وخارجها يوم 6 فيفري من كل سنة ذكرى اغتيال الرفيق الشهيد شكري بلعيد الأمين العام لحزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد والأستاذ المحامي نصير القضايا العادلة في تونس وأحد أبرز مؤسسي الجبهة الشعبية لتحقيق أهداف الثورة.
وتتزامن هذه الذكرى هذه السنة مع مرور 12 سنة على اغتياله لم تكن كافية ليقع إماطة اللثام عن الحقيقة بل لم تكن كافية رغم كل الضغوط التي مورست حتى يكون هناك توجّه جدي للكشف عن الحقيقة والإجابة عن السؤال الذي ظل طوال هذه المدة مطروحا: من كان وراء هذا الاغتيال الجبان؟ ومن موّله؟ ومن خطط له؟ ومن نفذه؟

لقد اتضح بشكل مفضوح كل هذه السنوات الماضية تلاعب السلطات والحكومات المتعاقبة، من حكومات الإفلات من العقاب إلى حكومات الانقلاب على السلطة القضائية والسعي إلى تدجينها والعودة بها إلى ما كانت عليه في عهد الدكتاتورية، بالملف والإمعان في طمس الحقيقة. وقد حاولت كل الأطراف التي يهمّها كشف الحقيقة كاملة، من حزبه، حزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد وبقية أحزاب الجبهة الشعبية وفي مقدمتها حزب العمال ومن ديمقراطيين ومنظمات وطنية ومكونات المجتمع المدني وعموم التونسيات والتونسيين الذين هالتهم تلك الجريمة النكراء إجبار السلطات السياسية والمؤسسة القضائية على احترام حق الشعب التونسي في التعرف على حقيقة الجناة من مختلف الدرجات ومحاسبتهم. وكان للجنة الدفاع دور محوري في جمع كل القرائن والأدلة والمعطيات في ظل تقاعس الأوساط الرسمية السياسية والقضائية والإدارية المنوط بعهدتها ذلك العمل. ورغم ما أحرزته من نجاحات في هذا المضمار وما أنجزته من أعمال إلا أن الملف مازال محل مماطلة وتلاعب وإصرار على تعطيل المحاسبة وتوفير كل أسباب الإفلات من المحاسبة والعقاب والتغطية على المسؤولين عن الجريمة.
لقد استمرت السلطات الرسمية في التعاطي مع ملف الاغتيال بنفس الأسلوب والمنطق في عهد منظومة النهضة والتحالف اليميني الرجعي نداء تونس/النهضة وكذلك في عهد المنظومة الشعبوية وبعد انقلاب 25 جويلية. وظل التلاعب والتهرب من كشف الحقيقة مثله مثل تسفير الشباب إلى بؤر التوتر وملف الجهاز السري على حاله ولم يتغيّر في الأمر شيء. فكل هذه الملفات لم تطرح بالجدية اللازمة ووقع تهميشها في ظل الضوضاء الدعائية والإعلامية حول مقاومة الفساد وتعقّب المجرمين المسؤولين عن كل هذه الملفات الخطيرة.
وأمام انسدادا كل السبل تقريبا اضطرت هيئة الدفاع يوم 31 جانفي الماضي إلى مقاطعة المحاكمة احتجاجا على أسلوب التلاعب والتوظيف وأصدرت إثر اجتماع طارئ بيانا لإحاطة الرأي العام علما بحيثيات وتفاصيل الجلسات الأخيرة وما اتسمت به من تجاوزات وخروقات في المرحلة الابتدائية والاستئنافية للملف.
كما عاينت هيئة الدفاع وكل المهتمين والمتابعين للملف محاولات التسريع في حسمه والاضطراب غير المبرر في تسيير المحاكمات الذي مسّ بشكل فاضح من جوهر المسار القضائي ومن حق أنصار الملف في التتبع وفق ما من شأنه ضمان الكشف عن الحقيقة كاملة. فهذا التسرع والاضطراب الممنهج من قبل سلطة الانقلاب لا علاقة له بمطلب أنصار الحرية. وقد أثارت اللجنة عسكرة الجلسات وفضاء المحكمة ومنع العموم من مواكبتها وعلى رأسهم الإعلاميين وهذا في حدّ ذاته جرم يعادل عملية الاغتيال ألا وهو المسّ من عملية المحاكمة العلنية التي طالب بها الجميع وهي ليست بالبدعة وقد سبق في مثل هاته الجرائم (مثل محاكمة مجموعة قفصة) أن كانت المحاكمة مفتوحة للعموم وهو شرط أساسي من شروط المحاكمة العادلة.
إنّ حرمان الرأي العام الوطني من حق الاطلاع على المعلومة في حدّ ذاته شكل من أشكال التستر على الجريمة وطمس للحقيقة وبالتالي نوع من أنواع تبرير الجريمة. أمّا استعمال تقنية المحاكمة عن بعد وعدم إحضار المتهمين والاكتفاء باستنطاقهم في مكان سجنهم عبر التقنيات الاتصال السمعي البصري في قاعة خالية جعل من المحاكمة مسرحية سمجة وسيئة الإخراج لم ترضي حتى طائفة من أتباع سلطة الانقلاب.
إنها تجربة مخبرية فاقدة للمصداقية وهي فصل من فصول مسعى السلطة إلى وأد القضية ونزع الطابع السياسي الذي تتميّز به وتحويلها إلى قضية حق عام. إنّ سعي سلطة الانقلاب ومن قبلها سلطة الإفلات من العقاب إلى جعل محاكمة المتورطين مجرد ملف حق عام أو حادث مرور عادي هي عملية غير بريئة الغاية منها إفراغها من رمزيتها الوطنية والسياسية والتاريخية والعمل على طمس الحقيقة والإفلات من العقاب والمحاسبة.
وأمام هذا الوضع فإنّ الأحرار وفى مقدمتهم مناضلات ومناضلي حزب العمال ومناضلي الحرية في تونس الذين بالمناسبة يجددون للشهيد تحيات الإجلال يدعون كل القوى التقدمية والديمقراطية إلى مواصلة ممارسة الضغط من أجل أن تعطى هذه القضية حق قدرها باعتبارها قضية سياسية تتعلق بالحرية والديمقراطية وبنضال شعب تونس ضد الإرهاب والرجعية وضد كل أشكال التواطؤ معه. وبالتالي توحيد الجهود وتوسيع إطار الضغط من أجل كشف الحقيقة

إلى الأعلى
×